$ باب صلح الملوك والموادعة $ ( قال ) رضي الله عنه ( ملك من ملوك أهل الحرب له أرض واسعة فيها قوم من أهل مملكته هم عبيد له يبيع منهم ما شاء صالح المسلمين وصار ذمة لهم فإن أهل مملكته عبيد له كما كانوا يبيعهم إن شاء ) لأن عقد الذمة خلف عن الإسلام في حكم الإحراز ولو أسلم كانوا عبيدا له لقوله صلى الله عليه وسلم من أسلم على مال فهو له فكذلك إذا صار ذميا وهذا لأنه كان مالكا لهم بيده القاهرة وقد استقرت يده وازدادت وكادة بعقد الذمة فإن ظهر عليهم عدو غيرهم ثم استنقذهم المسلمون من أيدي أولئك فإنهم يردون على هذا الملك بغير شيء قبل القسمة وبالقيمة بعد القسمة بمنزلة سائر أموال أهل الذمة وهذا لأن على المسلمين القيام بدفع الظلم عن أهل الذمة كما عليهم ذلك في حق المسلمين وعلى هذا لو أسلم الملك وأهل أرضه أو أسلم أهل أرضه دونه فهم عبيد له كما كانوا لأنه كان محرزا لهم بعقد الذمة فيزداد ذلك قوة بإسلامه وإسلام مملوكه الذمي لا يبطل ملكه عنه وإن كان طلب الذمة على أن يترك يحكم في أهل مملكته بما شاء من قتل أو صلب أو غيره مما لا يصلح في دار الإسلام لم يجب إلى ذلك لأن التقرير على الظلم مع إمكان المنع منه حرام ولأن الذمي من يلتزم أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات فشرطه بخلاف موجب العقد باطل كما لو أسلم بشرط أن يرتكب شيئا من الفواحش كان الشرط باطلا والأصل فيه ما روى أن وفد تقيف جاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا نؤمن بشرط أن لا ننحني للركوع والسجود فإنا نكره أن تعلونا استاهنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خير في دين لا صلاة فيه ولا خير في صلاة لا ركوع فيها ولا سجود فإن أعطى الصلح والذمة على هذا بطل من شروطه ما لا يصلح في الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل فإن رضى بما يوافق حكم الإسلام وإلا أبلغ مأمنه هو وأصحابه لأن عقد الذمة يعتمد الرضى وما تم رضاه بدون هذا الشرط وقد تعذر الوفاء بهذا الشرط فإذا أبى أن يرضى بدون هذا الشرط يبلغ مأمنه كغيره من المستأمنين فإن التحرز عن الغدر واجب قال صلى الله عليه وسلم في العهود وفاء لا غدر فيه بخلاف ما لو أسلم بشرط أن لا يصلي فإن الإسلام صحيح بدون تمام الرضى كما لو أسلم مكرها ولا يترك بعد صحة إسلامه ليرتد فيرجع إلى الكفر فإن صار ذمة ثم وقفت منه على أنه يخبر المشركين بعورة المسلمين ويقري عيونهم لم يكن هذا منه نقضا للعهد ولكن يعاقب