18 أي على سواء منكم ومنهم في العلم بذلك فعرفنا أنه لا يحل قتالهم قبل النبذ وقبل أن يعلموا بذلك ليعودوا إلى ما كانوا عليه من التحصن وكان ذلك للتحرز عن الغدر فإن حاصر العدو المسلمين وطلبوا الموادعة على أن يؤدي إليهم المسلمون شيئا معلوما كل سنة فلا ينبغي للإمام أن يجيبهم إلى ذلك لما فيه من الدينة والذلة بالمسلمين إلا عند الضرورة وهو أن يخاف المسلمون الهلاك على أنفسهم ويرى الإمام أن هذا الصلح خير لهم فحينئذ لا بأس بأن يفعله لما روى أن المشركين أحاطوا بالخندق وصار المسلمون كما قال الله تعالى ! < هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا > ! 11 بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبيدة بن حصن وطلب منه أن يرجع بمن معه على أن يعطيه كل سنة ثلث ثمار المدينة فأبى إلا النصف فلما حضر رسله ليكتبوا الصلح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام سيد الأنصار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رضي الله عنهما وقالا يا رسول الله إن كان هذا عن وحي فامض لما أمرت به وإن كان رأيا رأيته فقد كنا نحن وهم في الجاهلية لم يكن لنا ولا لهم دين فكانوا لا يطمعون في ثمار المدينة إلا بشراء أو قرى فإذا أعزنا الله بالدين وبعث فينا رسوله نعطيهم الدنية لا نعطيهم إلا السيف فقال صلى الله عليه وسلم إني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة فأحببت أن أصرفهم عنكم فإذا أبيتم ذلك فأنتم وأولئك اذهبوا فلا نعطيكم إلا السيف فقد مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلح في الابتداء لما أحس الضعف بالمسلمين فحين رأى القوة فيهم بما قاله السعدان رضي الله عنهما امتنع من ذلك وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم من الصدقة لدفع ضررهم عن المسلمين فدل على أنه لا بأس بذلك عند خوف الضرر وهذا لأنهم إن ظهروا على المسلمين أخذوا جميع الأموال وسبوا الذراري فدفع بعض المال ليسلم المسلمون في ذراريهم وسائر أموالهم أهون وأنفع وإن أراد قوم من أهل الحرب من المسلمين الموادعة سنين معلومة على أن يؤدي أهل الحرب الخراج إليهم كل سنة شيئا معلوما على أن لا تجري أحكام الإسلام عليهم في بلادهم لم يفعل ذلك إلا أن يكون في ذلك