فيملك به الكافر مال المسلم كالبيع والهبة وتأثيره أن نفس الآخذ سبب لملك المال إذا تم بالإحراز وبيننا وبينهم مساواة في أسباب إصابة الدنيا بل حظهم أوفر من حظنا لأن الدنيا لهم ولأنه لا مقصود لهم في هذا الأخذ سوى اكتساب المال ونحن لا نقصد بالأخذ اكتساب المال ثم جعل هذا الأخذ سببا للملك في حق المسلم بدون القصد فلأن يكون سببا للملك في حقهم مع وجود القصد أولى وإنما يفارقوننا فيما يكون طريقه طريق الجزاء لأن الجزاء بوفاق العمل وذلك في تملك رقاب الأحرار لأن الآدمي في الأصل خلق مالكا لا مملوكا فصفة المملوكية فيه تكون بواسطة إبطال صفة المالكية وذلك مشروع في حقهم بطريق الجزاء فإنهم لما أنكروا وحدانية الله تعالى جازاهم الله تعالى على ذلك بأن جعلهم عبيد عبيده ولا يوجد ذلك في حق المسلمين ولا إشكال أن إبطال صفة الحرية يكون بطريق الجزاء والعقوبة .
ألا ترى أن إثبات صفة الحرية في المملوك مشروع بطريق الجزاء والتقرب فإبطال صفة الحرية يكون بطريق الجزاء والعقوبة وقد تعذر إثبات هذه الواسطة في رقاب الأحرار المسلمين أو من ثبت له حق العتق منهم حتى أن في حق العبيد لما كان الملك يثبت بدون هذه الواسطة قلنا بأنهم يملكون عبيدنا بالأخذ والمفارقة بيننا وبينهم في الحل والحرمة لا يمنع المساواة في حكم الملك عند تقرر سببه .
ألا ترى أن استكساب المسلم عبده الكافر سبب مباح للملك واستكساب الكافر عبده المسلم حرام ومع ذلك كان موجبا للملك لتقرر السبب مع أن الفعل الذي هو عدوان غير موجب للملك عندنا لأن الفعل إنما يكون عدوانا في مال معصوم والعصمة بالإحراز والإحراز بالدار لا بالدين لأن الإحراز بالدين من حيث مراعاة حق الشرع والاثم في مجاوزة ذلك ولا يتحقق ذلك في حق المنكرين فإنما يكون الإحراز في حقهم بالدار التي هي دافعة لشرهم حسا وما بقي المال معصوما بالإحراز بدار الإسلام لا يملك بالاستيلاء عندنا وإنما يملك بعد انعدام هذه العصمة بالإحراز بدار الحرب والأخذ بعد ذلك ليس بعدوان محض والمحل غير معصوم أيضا فلهذا كان الاستيلاء فيه سببا للملك .
والدليل على أن الإحراز بالدين لا يظهر حكمه في حقهم فصل الضمان فإنهم لا يضمنون ما أتلفوا من نفوس المسلمين وأموالهم وتأثير العصمة في إيجاب الضمان أظهر منه في دفع الملك ثم لما لم يبق للعصمة بالدين اعتبار في حقهم في إيجاب الضمان فكذلك في دفع الملك .
وتأويل الحديث أنهم لم يحرزوها بدارهم بعد فلم يملكوها ولا ملكت هي فلهذا