استردها وجعل نذرها فيما لا تملك والمراد بالآية حكم الأخذ بدليل قوله تعالى ! < فالله يحكم بينهم يوم القيامة > ! 113 وبه نقول أنهم يفارقوننا في دار الآخرة فإنها دار الجزاء ولا سبيل لهم علينا في دار الجزاء .
إذا عرفنا هذا فنقول إذا وقع هذا المال في الغنيمة وقد كان المشركون أحرزوه فإن وجده مالكه قبل القسمة أخذه بغير شيء وإن وجده بعد القسمة أخذه بالقيمة إن شاء لحديث بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المشركين أحرزوا ناقة رجل من المسلمين بدارهم ثم وقعت في الغنيمة فخاصم فيها المالك القديم فقال صلى الله عليه وسلم إن وجدتها قبل القسمة أخذتها بغير شيء وإن وجدتها بعد القسمة أخذتها بالقيمة إن شئت ففي هذا دليل أنهم قد ملكوها وإنما فرق في الأخذ مجانا بين ما قبل القسمة وما بعدها لأن المستولى عليه صار مظلوما وقد كان يفترض على من يقوم بنصرة الدار وهم الغزاة أن يدفعوا الظلم عنه بأن يتبعوا المشركين ليستنفذوا المال من أيديهم وقبل القسمة الحق لعامة الغزاة فعليهم دفع الظلم بإعادة ماله إليه فأما بعد القسمة فقد تعين الملك لمن وقع في سهمه وعليه دفع الظلم ولكن لا بطريق إبطال حقه وحقه في المالية حتى كان للإمام أن يبيع الغنائم ويقسم الثمن بين الغانمين وحق المالك القديم في العين فيتمكن من الأخذ بالقيمة إن شاء ليتوصل كل واحد منهما إلى حقه فيعتدل النظر من الجانبين ولأن قبل القسمة ثبوت حق الغزاة فيه ليس بعوض على شيء بل صلة شرعية لهم ابتداء فلا يكون في أخذ المالك القديم إياه مجانا إبطال حقهم عن عوض كان حقا لهم فأما بعد القسمة فمن وقع في سهمه استحق هذا العين عوضا عن سهمه في الغنيمة فلا وجه لإبطال حقه في ذلك العوض فيثبت للمالك القديم حق الأخذ بعد ما يعطي من وقع في سهمه العوض الذي كان حقا له وإنما يأخذه إذا أثبت دعواه فإن مجرد قوله ليس بحجة في إبطال حق الغانمين قبل القسمة ولا في استحقاق الملك على من وقع في سهمه بعد القسمة .
وهذا إذا كان المأخوذ شيئا لا مثل له فأما الدراهم والدنانير والفلوس والمكيل والموزون فإن وجدها قبل القسمة أخذها بغير شيء وإن وجدها بعد القسمة فلا سبيل له عليها لأن الأخذ شرعا إنما ثبت له إذا كان مفيدا وقبل القسمة هو مفيد فأما بعد القسمة لو أخذها أخذها بمثلها وذلك غير مفيد فإن المالية في هذه الأشياء باعتبار الكيل والوزن ولهذا جرى الربا فيها فلكون الأخذ غير مفيد قلنا بأنه لا يكون مشروعا بخلاف مالا مثل له فإنه يأخذه بالقيمة وذلك يكون مفيدا لما في العين من الغرض الصحيح للناس .
وإن