141 والتملك بالقهر أقوى جهات السبيل ولما أغار عتيبة بن حصن على سرح المدينة وفيه ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء وامرأة من الأنصار قالت الأنصارية فلما جن الليل قصدت الفرار من أيديهم فما وضعت يدي على بعير الأرغي حتى وضعت يدي على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء فركنت إلي فركبتها وقلت لئن نجاني الله تعالى عليها لأنحرنها ولآكلن من سنامها وكبدها فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصصت عليه هذه القصة قال بئسما جازيتها لا نذر فيما لا يملكه بن آدم وفي رواية رديها فإنها ناقة من إبلنا وارجعي إلى أهلك على اسم الله والمعنى فيه أن هذا عدوان محض لأنه حرام ليس فيه شبهة الإباحة فلا يكون سببا للملك كاستيلاء المسلم على مال المسلم وهذا لأن الملك حكم مشروع مرغوب فيه فيستدعي سببا مشروعا والعدوان المحض ضد المشروع ولأن المعصوم بالإسلام لا يملك بالقهر كالرقاب فإن الشرع أثبت العصمة بسبب واحد في المال والرقاب قال صلى الله عليه وسلم فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم فذلك دليل المساواة بينهما في المنع من التملك بالقهر وهذا لأن الاستيلاء سبب الملك في محل مباح لا في محل معصوم حتى لا يملك مال المستأمن بالقهر بخلاف مال الحربي الذي لا أمان له ولا يملك صيد الحرم بالاستيلاء بخلاف صيد الحل والسبب لا يعمل إلا في محله فإذا صادف الاستيلاء محلا معصوما لم يكن موجبا للملك وبه فارق سائر أسباب الملك من البيع والهبة لأنه موجب للملك في محل معصوم وهو مملوك .
( وحجتنا ) في ذلك قوله تعالى ! < للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم > ! 8 الآية فإن الله تعالى سمى المهاجرين فقراء والفقير حقيقة من لا ملك له ولو لم يملك الكفار أموالهم بالاستيلاء لما سماهم فقراء ولما قال علي لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ألا تنزل دارك قال وهل ترك لنا عقيل من ربع وقد كان له دار بمكة ورثها من خديجة رضي الله عنها فاستولى عليها عقيل بعد هجرته والمعنى فيه أن الاستيلاء سبب يملك به المسلم مال الكافر