@ 96 @ آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) ^ وهذه الوجوه يترجح بها على التخلي للنوافل فإن قيل إن الله تعالى مدح يحيى بكونه سيدا وحصورا وهو من لا يأتي النساء مع القدرة عليه فلو كان الاشتغال به أفضل لما استحق المدح بتركه قلنا نحن لا ننكر فضل التخلي للعبادة واستحقاق المدح به ولكن نقول الاشتغال بالنكاح أفضل ويحتمل أن ذلك في شريعتهم ثم نسخ في شريعتنا فصارت العشرة أفضل من العزلة كما نسخت الرهبانية والخصاء قال رحمه الله ( وينعقد بإيجاب وقبول وضعا للماضي أو أحدهما ) أي ينعقد النكاح بالإيجاب والقبول بلفظين وضعا للماضي أو وضع أحدهما للماضي والآخر للمستقبل لأن النكاح عقد فينعقد بهما كسائر العقود واختص بما ينبئ عن الماضي لأنه إنشاء تصرف وهو إثبات ما لم يكن ثابتا وليس له لفظ يختص به باعتبار الوضع فاستعمل فيه لفظ ينبئ عن الثبوت وهو الماضي دفعا للحاجة وهذا لأن الإنشاء يعرف بالشرع لا باللغة فكان ما ينبئ عن الثبوت أولى من غيره لأن غرضهما الثبوت دون الوعد وهذا المعنى موجود أيضا فيما إذا كان أحدهما ماضيا والآخر مستقبلا مثل أن يقول زوجني فيقول زوجتك لأن قوله زوجني توكيل وإنابة وقوله زوجتك امتثال لأمره فينعقد به النكاح لأن الواحد يتولى طرفي النكاح على ما نبين في موضعه إن شاء الله تعالى ولا يقال لو كان توكيلا لما اقتصر على المجلس لأنا نقول هو توكيل في ضمن الأمر بالفعل فيكون قبوله بتحصيل الفعل بالمجلس فإذا قام قبل الفعل فقد قام قبل القبول فيبطل ولأن قوله زوجني يراد به التحقيق عادة لا سوما لتقدمه عليه غالبا بخلاف البيع ولأنه لو لم ينعقد بقوله زوجتك بعد قوله زوجني كان للزوج أن يرجع فيلحق الولي بذلك عار فيتضرر بذلك بخلاف البيع وعلى هذا لو قال جئت خاطبا بنتك أو لتزوجنيها فقال زوجتكها انعقد ولزم قال رحمه الله ( وإنما يصح بلفظ النكاح والتزويج ما وضع لتمليك العين في الحال ) أي لا يصح النكاح إلا بهذه الألفاظ واحترز بقوله في الحال عن الوصية لأنها لتمليك العين بعد الموت لا في الحال وقال الشافعي رحمه الله لا ينعقد إلا بلفظ النكاح والتزويج لأن التمليك ليس حقيقة فيه ولا مجازا عنه لأن التزويج للتلفيق والنكاح للضم حتى يراعى فيه مصالح المتناكحين ولا ضم ولا ازدواج بين المالك والمملوكة أصلا حتى لا يراعى فيه إلا مصالح المالك ولأن الإشهاد فيه شرط والكناية يحتاج فيها إلى النية ولا اطلاع للشهود على النيات ولأن التمليك مفسد للنكاح وكذا الهبة من ألفاظ الطلاق حتى يقع الطلاق بقوله وهبتك لأهلك فلا يكون موجبا لضده ولنا قوله تعالى ^ ( وامرأة مؤمنة إن