@ 73 @ | قال رحمه الله ( من جاوز الميقات غير محرم ثم عاد محرما ملبيا أو جاوز ثم أحرم بعمرة ثم أفسد وقضى بطل الدم ) أما الأول فالمذكور هنا قول أبي حنيفة وعندهما سقط عنه الدم بعوده إلى الميقات محرما لبى أو لم يلب وعند زفر لا يسقط لبى أو لم يلب ولا خلاف بينهم أنه إذا رجع إلى الميقات قبل الإحرام فأحرم من الميقات سقط عنه الدم وإن رجع بعد ما طاف لا يسقط عنه الدم لزفر رحمه الله أن جنايته لم ترتفع بالعود فصار كما إذا أفاض من عرفات ثم عاد إليها على ما بينا من قبل وهذا لأنه لما وصل إلى الميقات غير محرم وجب عليه أن ينشئ التلبية فيه فإذا ترك وجب عليه الدم ثم إذا عاد ولبى لم يأت بالمتروك لأنه كان واجبا وما أتى به ليس بواجب ولهما أن الواجب عليه كونه محرما في ذلك المكان ألا ترى أنه لو أحرم من دويرة أهله ومر به ساكتا ولم يلب لا شيء عليه فإذا رجع فقد تلافى المتروك فيسقط عنه الدم وله أن أصل الميقات في حقه دويرة أهله ولهذا كان الإحرام منها أفضل ورخص التأخير إلى الميقات فصار الميقات آخر الغايات فإذا انتهى إليه وجب عليه التلبية والإحرام منه فإذا تركه وأحرم داخل الميقات وجب عليه الدم فإن عاد بعد ذلك فإن لبى فيه فقد أتى بعين ما ترك فيسقط عنه الدم وإن لم يلب لم يأت به فلا يسقط عنه الدم بخلاف ما إذا أفاض من عرفات فإن المتروك هناك امتداد الوقوف فلم يتداركه وبخلاف ما إذا أحرم من دويرة أهله ومر بالميقات وهو ساكت لأنه أتى بالعزيمة فكان أولى وعلى هذا لو خرج من الميقات بمسافة بعيدة ثم لبى ينبغي أن يسقط عنه الدم ولا يشترط أن يلبي في آخر حد الميقات لأنه أتى بالواجب فيه وإنما كان له الترخص إلى آخر الحد لا غير وأطلق صاحب المختصر بقوله من جاوز الميقات غير محرم ثم عاد محرما ولم يقيده بحج ولا عمرة لأنه لا فرق بينهما وأما الثانية وهو ما إذا جاوز الميقات غير محرم ثم أحرم داخل الميقات بعمرة فأفسدها فمضى فيها وقضاها أي أحرم في القضاء من الميقات سقط عنه الدم وكذا الحكم إذا أحرم بحجة بعد ما جاوز الميقات فأفسدها أو فاته الحج ثم أحرم في القضاء من الميقات يسقط عنه الدم وقال زفر رحمه الله لا يسقط عنه الدم في جميع ذلك لأنه وجب بارتكابه المحظور فلا يسقط عنه بالاجتناب في القضاء كسائر المحظورات ألا ترى أنه لو قتل صيدا أو حلق أو تطيب في إحرامه ثم أفسده وقضاه واجتنبه في القضاء لا يسقط عنه الدم فكذا هذا ولنا أنه لما قضى من الميقات انجبر ذلك النقصان لأن القضاء يحكي الأداء وهذا لأن النقص حصل بترك الإحرام من الميقات ويصير قاضيا حقه بالقضاء منه فانعدم المعنى الموجب له بخلاف غيره من المحظورات لأنه لا ينعدم بالقضاء فاتضح الفرق قال رحمه الله ( فلو دخل الكوفي البستان لحاجة له دخول مكة بغير إحرام ووقته البستان ) لأن البستان غير واجب التعظيم فلا يلزمه الإحرام بقصده فإذا دخله التحق بأهله وللبستاني أن يدخل مكة بغير إحرام للحاجة لما ذكرنا في باب الإحرام فكذا لهذا الداخل إليهم والمراد بقوله ووقته البستان جميع الحل الذي بينه وبين الحرم وقد بيناه من قبل ولا فرق بين أن ينوي الإقامة في البستان خمسة عشر يوما أو لم ينو وعن أبي يوسف أنه إن نوى الإقامة فيه أقل من خمسة عشر يوما لا يكون منهم ولا يكون له أن يدخل مكة بغير إحرام والظاهر الأول ولو أحرم من البستان للحج ولم يدخل مكة حتى وقف بعرفة أجزأه لأنه أحرم من ميقاته ولم يترك نسكا واجبا فلا يلزمه شيء كأهل البستان قال رحمه الله ( ومن دخل مكة بغير إحرام وجب عليه أحد النسكين ) يعني الحج أو العمرة لأن دخوله مكة سبب لوجوب الإحرام فإذا وجد منه لزمه الإحرام بالحج أو العمرة كمن نذر بالإحرام فإنه يلزمه أن يحرم بأحد النسكين وفيه خلاف الشافعي بناء على أن له أن يدخل مكة بغير إحرام إن لم يرد أداء النسك عنده وعندنا ليس له ذلك قال رحمه الله ( ثم حج عما عليه في عامه ذلك صح عن دخوله مكة بلا إحرام فإن تحولت السنة لا ) يعني إذا دخل