@ 71 @ قيل ينبغي أن يتداخلا كحرمة الحرم والإحرام فإن المحرم إذا قتل صيد الحرم يجب عليه دم واحد مع أنه محرم عليه من وجهين لأجل إحرامه ولأجل الحرم قلنا حرمة الإحرام أقوى لأنه يحرم قتل الصيد في الأماكن كلها ويحرم التطيب ولبس المخيط فجعلنا أضعف الحرمتين تابعا لأقواهما بخلاف الحج والعمرة لأنهما مستويان إحراما وإن اختلفا أداء إذ إحرام العمرة يحرم جميع ما يحرمه إحرام الحج فلا يمكن أن يجعل أحدهما تبعا للآخر كحرمة الجماع بسبب الصوم وعدم الملك إذا اجتمعا بأن زنى صائم في رمضان يجب عليه الحد والكفارة وذكر شيخ الإسلام أن وجوب الدمين على القارن فيما إذا كان قبل الوقوف بعرفة وأما بعد الوقوف بعرفة ففي الجماع يجب عليه دمان وفي غيره من المحظورات يجب دم واحد قال رحمه الله ( إلا أن يتجاوز الميقات غير محرم ) وقال زفر يجب عليه دمان لأنه أخر الإحرامين من الميقات فيلزمه لكل واحد منهما دم اعتبارا بسائر المحظورات ألا ترى أنه لو دخل الميقات من غير إحرام فأحرم بحج ثم دخل الحرم فأحرم بعمرة فإنه يلزمه دمان لترك الإحرام في ميقاته فكذا هذا ولنا أن الواجب عليه إحرام واحد لتعظيم البقعة ولهذا لو أحرم من الميقات بالعمرة وأحرم بالحج داخل الميقات لا يجب عليه شيء وهو قارن فيترك واجب واحد لا يجب عليه دمان بخلاف المستشهد به لأنه لما دخل الميقات وأحرم بالحج داخل الميقات وجب عليه دم لترك وقته ولما دخل مكة صار منهم وميقاتهم في العمرة الحل فإذا أحرم من الحرم فقد ترك الميقات فيجب عليه دم آخر لذلك وأما في مسألتنا لم يترك الوقت إلا في أحدهما بترك تعظيم البقعة قال رحمه الله ( ولو قتل محرمان صيدا تعدد الجزاء ) يعني إذا اشترك المحرمان في قتل صيد فعلى كل واحد منهما جزاء كامل وقال الشافعي عليهما جزاء واحد لأن ما يجب بقتل الصيد بدل محض ألا ترى أنه يزداد الواجب بكبره وينقص بصغره ولو كان كفارة لما اختلف باختلاف المتلف ككفارة القتل لا تختلف باختلاف قيمة العبد المقتول فصار كالحلالين إذا اشتركا في صيد الحرم ولنا أنه كفارة قتل وبدل للمحل لأن الله تعالى سماه كفارة بقوله ! 2 < أو كفارة طعام مساكين > 2 ! واعتبر المماثلة بقوله ! 2 < فجزاء مثل ما قتل من النعم > 2 ! فجمعنا بين الأمرين عملا بالدليلين وهذا لأنه جناية على إحرامه فباعتباره يكون كفارة وتفويت للصيد فباعتباره يكون بدلا ومثل هذا ليس بمستنكر ألا ترى أن القصاص جزاء الفعل حتى إذا تعدد القاتل والمقتول واحد أجرى على جميعهم وبدل أيضا حتى يورث كالدية وفعل كل واحد من المحرمين كامل فيجب عليهما موجبه بخلاف الحلالين يشتركان في قتل صيد الحرم على ما يجيء قال رحمه الله ( ولو حلالان لا ) أي لو اشترك حلالان في قتل صيد الحرم لا يتعدد الجزاء وهو القيمة لأن الواجب فيه بدل المحل لأجزاء الفعل وهو الجناية حتى لا مدخل للصوم فيه فلا يتعدد إلا بتعدد المحل بخلاف المحرمين لأن الواجب هناك جزاء الجناية ولهذا يتأدى بالصوم ويتعدد بتعدد الفعل نظيره رجلان قتلا رجلا خطأ يجب عليهما دية واحدة لأنها بدل المحل وعلى كل واحد منهما كفارة كاملة لأنها جزاء الفعل ولأن المحرم في المحرمين الإحرام وهو متعدد فيتعدد الموجب وفي الحلالين الحرم وهو واحد فيتحد الواجب ثم اعلم أن الواجب في صيد الحرم وإن كان بدلا لكنه فيه معنى الجزاء حتى إذا اختلفت جهة الجناية بأن أخذه أحدهما وقتله الآخر يجب على كل واحد منهما جزاء كامل لأن كلا منهما أتلفه بجهة أحدهما بالأخذ المفوت للأمن وذلك استهلاك معنى والآخر بالإتلاف حقيقة بخلاف حقوق العباد لأنه بدل المحل من كل وجه فلا يستحق أكثر من عوض واحد ثم يرجع الآخذ هنا على القاتل على ما بينا في قتل المحرم ولو كان أحد القاتلين ممن لا يجب عليه الجزاء بأن كان صبيا أو كافرا يجب على الآخذ بحسابه إن كان حلالا وجميع قيمته إن كان محرما وقد بينا وجهه قال رحمه الله ( ويبطل بيع المحرم صيدا وشراؤه ) لأن بيعه حيا تعرض للصيد وبيعه بعد قتله بيع ميتة بخلاف ما إذا باع لبن الصيد أو بيضه أو الجراد أو شجر الحرم لأن هذه الأشياء لا يشترط فيها الذكاة ثم إذا قبض المشتري وعطب في يده فعليه وعلى البائع الجزاء لأنهما قد جنيا عليه البائع بالتسليم والمشتري بإثبات اليد عليه ويضمن المشتري أيضا للبائع لفساد البيع ولو رده على البائع يجب على المشتري الجزاء للتعدي