@ 55 @ الصدر والساقين والعانة دون الرأس واللحية لأن الربع منهما يقوم مقام الكل وفي هذه الأعضاء لا يقوم مقامه والفارق العادة الجارية بالاكتفاء بالبعض وعدم الاكتفاء به على ما بينا آنفا وقولهما بيان للمذهب لا لأن أبا حنيفة يخالفهما في ذلك وإنما خصا بالذكر لأن الرواية محفوظة عنهما لا غير قال رحمه الله ( وفي أخذ شاربه حكومة عدل ) وتفسيره أنه ينظر أن هذا المأخوذ كم يكون من ربع اللحية فيجب عليه بحسابه من الطعام حتى إذا أخذ منه نصف ثمن اللحية يجب عليه ربع الدم وذكر الأخذ في الشارب وهو القص لأنه هو السنة وهو أن يقص منه حتى يوازي الإطار وهو الحرف الأعلى من الشفة العليا وذكر الطحاوي أن حلق الشارب هو السنة عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم احفوا الشارب وأعفوا اللحى + ( رواه مسلم ) + عن ابن عمرو كان ابن عمر يحفي شاربه حتى ينظر إلى الجلد والإحفاء الاستئصال والإعفاء تركها حتى تكث وتكثر والسنة قدر القبضة فما زاد قطعه قال رحمه الله ( وفي شارب حلال أو قلم أظفاره طعام ) أي محرم أخذ شارب حلال أو قلم أظفاره تجب الصدقة عليه وكذا بحلق رأسه وكذا إذا فعل ذلك بمحرم آخر وقال الشافعي لا يجب شيء على المحرم الحالق لأن المحرم منع عن إزالة تفث نفسه لما فيه من الراحة له ولا يحصل ذلك بحلق رأس غيره ولنا أن إزالة ما ينمو من بدن الإنسان من محظورات إحرامه لاستحقاقه الأمان كنبات الحرم فمنع عن مباشرته من بدن غيره كما منع من مباشرته من بدنه ولأنه يتأذى بتفث غيره فمنع من إزالته كما يمنع من إزالته عن نفسه إلا أن كمال الجناية في إزالة تفث نفسه فيجب عليه الدم وتأذيه بتفث غيره دون التأذي بتفث نفسه فتجب عليه الصدقة وأما المحلوق فيجب عليه الدم إن كان محرما سواء حلقه بأمره أو بغير أمره بأن كان نائما أو مكرها لأن لزوم الدم لما حصل له من الراحة وذلك لا يختلف باختلاف الأحوال ولا يرجع به على المكره لأن الدم بإزاء ما حصل له من الراحة فصار كالمغرور إذا أخذ منه العقر لا يرجع به على الغار لأنه بإزاء ما حصل له من اللذة ولو كان الحالق حلالا والمحلوق محرما فكذلك الجواب لأن المحرم حصل له راحة والحلال جنى بإزالة ما استحق الأمن كنبات الحرم على ما مر فصارت المسألة بالقسمة العقلية على أربعة أقسام إما أن يكونا محرمين فيجب على الحالق الصدقة وعلى المحلوق الدم أو الحالق حلالا والمحلوق محرما فكذلك الحكم فيه لما ذكرنا أو كان الحالق محرما والمحلوق حلالا فتجب على الحالق الصدقة لا غير أو كانا حلالين فلا يجب عليهما شيء قال رحمه الله ( أو قص أظفار يديه ورجليه بمجلس أو يدا أو رجلا وإلا تصدق كخمسة متفرقة ) ومعنى هذا الكلام أن المحرم لو قص أظفار يدي نفسه ورجليه يجب عليه الدم وهو معطوف على ما يجب فيه الشاة ولو قص يدا واحدة أو رجلا واحدة فكذلك أيضا لوجود قلم الخمسة متوالية وقوله وإلا تصدق كخمسة متفرقة أي وإن كان خلافه لزمه صدقة وذلك مثل قلم خمسة أظافير متفرقة فحاصله أن قص اليدين والرجلين في مجلس يوجب دما واحدا لأنها من المحظورات لما فيه من قضاء التفث وهي من نوع واحد فلا يزاد على الدم كالإيلاجات في الجماع حتى لا يزيد على مهر واحد وإن كثر وإن كان في مجالس فكذلك عند محمد لأن مبناها على التداخل ككفارة الفطر إلا إذا تخللت الكفارة بينهما لارتفاع الأول بالتكفير فصار كما لو حلق رأسه في مجالس في كل مجلس ربعه وعلى قولهما يجب لكل يد دم ولكل رجل دم إذا وجد ذلك في كل مجلس حتى يجب عليه أربع دماء إذا وجد في كل مجلس قلم يد أو رجل لأن الغالب فيها معنى العبارة فيتقيد التداخل باتحاد المجلس كما في آية السجدة ولأن هذه الأعضاء متباينة حقيقة وإنما جعلناها جناية واحدة معنى لاتحاد المقصود وهو الارتفاق فإذا اتحد المجلس يعتبر المعنى فيتحد الموجب