@ 54 @ الترك ثم لبسه بعد ذلك فإنه يجب عليه دم آخر لأن اللبس الأول انفصل عن الثاني بالترك ولو لبس قميصا للضرورة ولبس خفين من غير ضرورة فعليه دم وفدية لأن السبب قد اختلف فلا يمكن التداخل ولو ارتدى بالقميص أو اتشح به أو اتزر به أو بالسراويل فلا بأس به ولا يلزمه شيء لأنه لم يلبسه لبس المخيط وكذا لو أدخل منكبيه في القباء ولم يدخل يديه في الكمين لأنه لم يلبسه لبس القباء ولهذا يتكلف في حفظه وقال زفر يجب عليه الجزاء لأنه يلبس كذلك عادة قلنا العادة في لبس القباء الضم إلى نفسه بإدخال المنكبين واليدين مأخوذ من القبور وهو الضم وكماله فيما قلناه وتغطية الرأس من حيث الوقت قد بيناه وأما من حيث القدر فالمروي عن أبي حنيفة أنه الربع اعتبارا بالحلق إذ كل واحد منهما جناية تتعلق بالرأس وبعض الرأس مقصود فيهما في حق الاستمتاع بخلاف الحلق على ما مر وعن أبي يوسف أنه اعتبر فيه الأكثر لأن المنظور إليه الكثرة ولا تظهر إلا عند المقابلة على ما مر في شروط الصلاة وقياس قول محمد أن يعتبر الوجوب فيه بحسابه من الدم قال رحمه الله ( وإلا تصدق ) أي وإن كان اللبس والتغطية أقل من يوم تصدق لقصور الجناية وكذا إذا كانت التغطية أقل من ربع الرأس تصدق لما قلنا قال رحمه الله ( أو حلق ربع رأسه أو لحيته وإلا تصدق كالحالق أو رقبته أو إبطيه أو أحدهما أو محجمه ) معناه أنه إذا حلق ربع رأسه أو ربع لحيته يجب عليه دم وهو معطوف على الأول على ما بيناه وإن حلق منهما أقل من الربع تجب عليه الصدقة وقوله كالحالق أي كالحالق رأس غيره وهو تشبيه لحلق أقل من الربع بحلق رأس غيره فإنه يوجب الصدقة على ما يجيء بيانه وقوله أو رقبته إلى آخره معطوف على الربع أي يجب الدم عليه بحلق رقبته أو إبطيه أو أحدهما أو محجمه فإنه إن حلق واحدا من هذه الأشياء يجب الدم عليه وإن حلق بعض واحد منهما تجب الصدقة فجعل الواحد منهما كالربع من الرأس واللحية على ما نبينه أما وجوب الدم بحلق ربع الرأس واللحية فلما بيناه في تغطية الرأس وهو أن البعض فيه مقصود لأن من الناس من يحلق بعض الرأس ومنهم من يحلق بعض اللحية فيحصل به الاتفاق على الكمال فيجب الدم وأما وجوب الصدقة بحلق أقل من الربع دون الدم فلقصور الجناية لأن بحلق شعرة أو شعرات لا يكمل الارتفاق فجعلنا الفاصل بينهما الربع احتياطا كما في كثير من الأحكام وأما وجوب الدم بحلق الرقبة كلها فلأنها عضو كامل فيكمل الارتفاق بحلقه وكذا الإبطان أو أحدهما لما ذكرنا وكذا موضع الحجامة عند أبي حنيفة وقالا عليه صدقة لما روى ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم + ( متفق عليه ) + ولو كان يوجب الدم لما باشره صلى الله عليه وسلم ولأنه قليل فلا يوجب الدم كما إذا حلقه لغير الحجامة وله أن حلقه لمن يحتجم مقصود وهو المعتبر بخلاف الحلق لغيرها ولا حجة لهما فيما رويا لأنه يحتمل أنه لعذر ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم لا يباشر ما يوجب الصدقة أيضا ويحتمل أنه لم يحلق بل احتجم في موضع لا شعر فيه وهو الظاهر ثم الربع من هذه الأعضاء لا يعتبر بالكل لأن العادة لم تجر في هذه الأعضاء بالاقتصار على البعض فلا يكون حلق البعض ارتفاقا كاملا حتى لو حلق أكثر أحد إبطيه لا يجب عليه إلا الصدقة بخلاف الرأس واللحية وذكر في الإبطين الحلق هنا وكذا في الجامع الصغير وفي الأصل النتف وهو السنة والأول دليل الجواز وقال أبو يوسف ومحمد إذا حلق عضوا كاملا فعليه دم وإن كان أقل من ذلك فطعام ويريد به