@ 348 @ والحق أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام واجب وهو المنذور وسنة وهو في العشر الأخير من رمضان ومستحب وهو في غيره من الأزمنة ومن محاسن الاعتكاف أن فيه تفريغ القلب من أمور الدنيا وتسليم النفس إلى المولى وملازمة عبادته وبيته وهو اللبث في المسجد مع الصوم ونية الاعتكاف أما اللبث فركنه لأنه ينبئ عنه وشرطه النية والمسجد والصوم وهو مذهب علي وابن عمر وابن عباس وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم وقال الشافعي رضي الله عنه الصوم ليس بشرط له لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس على المعتكف صوم إلا أن يجعله على نفسه + ( رواه الدارقطني ) + وقال رفعه أبو بكر محمد بن إسحاق السوسي وغيره لا يرفعه وروي في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال أوف بنذرك فاعتكف ليلة وهي لا تقبل الصوم وعن ابن عمر أن عمر نذر أن يعتكف في الشرك ويصوم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه فقال أوف بنذرك + ( رواه الدارقطني وقال إسناده حسن ) + فلو كان الصوم من شرطه لما احتاج إلى إيجاب الصوم فيه ولأن الصوم أصل بنفسه وهو أحد أركان الدين فكيف يكون شرطا لغيره والشرطية تنبئ عن التبعية فكيف يكون تبعا لما هو دونه ولنا حديث عائشة رضي الله عنها قالت السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج إلا لما لا بد منه ولا اعتكاف إلا بالصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع + ( رواه أبو داود ) + ومثله لا يعرف إلا سماعا ولم يرو أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف بلا صوم ولو كان جائزا لفعل تعليما للجواز ولأنه لو نذر الاعتكاف صائما يلزمه الاعتكاف صائما ولولا أنه شرط لما لزمه كما لو نذر أن يعتكف متصدقا بعشرة دراهم وهذا لأن النذر لا يصح إلا إذا كان من جنسه واجبا مقصودا لأنه ليس للعبد أن ينصب الأسباب ولا يشرع الأحكام بل له أن يوجب على نفسه مما أوجبه الله تعالى ولم يوجب المكث وحده إلا في ضمن عبادة كالقعود في التشهد والوقوف بعرفة لا يجب فيه المكث فإنه لو اجتاز بها من غير علمه يجوز فإن قيل لو كان الصوم شرطا فيه لكان شرط انعقاد أو دوام وليس هو شرطا لواحد منهما بدليل جواز الشروع فيه ليلا وبقائه فيه بعدما شرع قلنا الشرائط إنما تعتبر بحسب الإمكان ولا إمكان في