@ 323 @ الحق ولهذا قال صلى الله عليه وسلم إنما أطعمه الله وسقاه وهذه الأشياء من العباد فيفترقان كالمريض والمقيد إذا صليا قاعدين حيث يجب القضاء على المقيد دون المريض وأما إذا احتلم فلقوله صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يفطرن الصائم الحجامة والقيء والاحتلام ولأن فيه حرجا لعدم إمكان التحرز عنه إلا بترك النوم وهو مباح ولأنه لم توجد صورة الجماع ولا معناه وهو الإنزال عن شهوة بالمباشرة وأما إذا أنزل بنظر فلعدم المباشرة وقال مالك إن أنزل بالنظرة الأولى لا يفسد صومه وإن أنزل بالثانية يفسد لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي لا تتبع النظرة النظرة فإنما الأولى لك والأخرى عليك ولأن النظرة الأولى تقع بغتة فلا يستطاع الامتناع عنها بخلاف الثانية ولنا أن النظر مقصور عليه غير متصل بها فصار كالإنزال بالتفكر والمراد بما روي في حق الإثم ولأن ما يكون مفطرا لا يشترط التكرار فيه وما لا يكون مفطرا لا يفطر بالتكرار كالمس والاستمناء بالكف على ما قاله بعضهم وعامتهم على أنه يفسد ولا يحل له إن قصد به قضاء الشهوة لقوله تعالى ! 2 < والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم > 2 ! إلى أن قال ! 2 < فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون > 2 ! أي الظالمون المتجاوزون فلم يبح الاستمتاع إلا بهما فيحرم الاستمتاع بالكف وقال ابن جريج سألت عنه عطاء فقال مكروه سمعت قوما يحشرون وأيديهم حبالى فأظن أنهم هم هؤلاء وقال سعيد بن جبير عذب الله أمة كانوا يعبثون بمذاكيرهم وإن قصد به تسكين ما به من الشهوة يرجى أن لا يكون عليه وبال وعلى هذا الخلاف إذا أتى بهيمة فأنزل وإن لم ينزل لا يفسد صومه بالاتفاق ولا ينتقض وضوءه ولو قبل بهيمة أو مس فرجها فأنزل لا يفسد صومه بالإجماع وأما إذا ادهن فلعدم المنافي والداخل من المسام لا من المسالك لا ينافيه كما لو اغتسل بالماء البارد ووجد برده في كبده وأما الاحتجام فلما روينا ولعدم المنافي وهو قول جمهور العلماء وقال أحمد يفطره لقوله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم + ( رواه الترمذي ) + وبمثله يترك القياس ولنا ما روي أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم + ( رواه البخاري وغيره ) + وعن أنس أنه قيل له أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا إلا من أجل الضعف + ( رواه البخاري ) + قال أنس أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أفطر هذان ثم رخص صلى الله عليه وسلم في الحجامة بعد للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم + ( رواه الدارقطني ) + وقال رواته كلهم ثقات ولا أعلم له علة وما رواه منسوخ بما روينا ولما بينا من حديث أنس ولأن احتجامه صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة وقوله أفطر الحاجم والمحجوم كان في السنة الثامنة عام الفتح ولأن الحجامة ليس فيها إلا إخراج الدم فصارت كالافتصاد والجرح وأما الاكتحال فلما روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل وهو صائم + ( رواه الدارقطني ) + ولا فرق بين أن يجد طعم الكحل في حلقه أو لم يجد وكذا لو بزق ووجد لونه في الأصح وقال مالك وأحمد يفسد صومه إذا وصل إلى حلقه لما روي أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال ليتقه الصائم ولنا ما روينا ولأنه ليس بين العين والدماغ مسلك والدمع يخرج بالترشح كالعرق والداخل من المسام لا ينافيه على ما ذكرنا ولأن ما يجده في حلقه أثر الكحل لا عينه فلا يضره كمن ذاق الدواء ووجد طعمه في حلقه ولا يمكن