@ 249 @ مجنونا وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يغسل لعموم ما روينا ولأن ما وجب بالجنابة سقط بالموت لانتهاء التكليف والثاني لم يجب للشهادة ولأن الشهيد إنما لا يغسل لتطهره عن دنس الذنوب والصبي والمجنون أطهر فكانا أحق بهذه الكرامة ولأبي حنيفة أن حنظلة بن الراهب استشهد يوم أحد فغسلته الملائكة وقال صلى الله عليه وسلم إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف الفضة وقال أبو سعيد فذهبنا ونظرنا إليه فإذا رأسه يقطر ماء فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأته فسألها فأخبرته أنه خرج وهو جنب وأولاده يسمون أولاد غسيل الملائكة ولأن الشهادة عرفت مانعة لا رافعة فلا ترفع الجنابة والصبي والمجنون ليسا في معنى شهداء أحد لأن السيف كفى عن الغسل في حقهم لوقوعه طهرة ولا ذنب لهما فتعذر الإلحاق بهم وعلى هذا الخلاف الحائض إذا استشهدت بعد انقطاع الدم وكذا قبله بعد استمراره ثلاثة أيام في الصحيح والنفساء كالحائض وقد بينا المعنى في الجنب قال رحمه الله ( أو ارتث بأن أكل أو شرب أو نام أو تداوى أو مضى عليه وقت صلاة وهو يعقل أو نقل من المعركة أو أوصى ) لأن بذلك يصير خلقا في حكم الشهادة وينال شيئا من مرافق الحياة فلا يكون في معنى شهداء أحد فيغسل لأن شهداء أحد ماتوا عطاشا والكأس يدار عليهم خوفا من نقصان الشهادة إلا إذا حمل من مصرعه كي لا تطأه الخيل لأنه ما نال شيئا من الراحة وقوله أو مضى عليه وقت الصلاة وهو يعقل أي مع القدرة على أداء الصلاة حتى يجب القضاء عليه بتركها فيكون بذلك من أحكام الدنيا وهذا رواية عن أبي يوسف وقيل إن بقي يوما كاملا أو ليلة كاملة غسل وإلا فلا وقيل إن بقي يوما وليلة غسل وإلا فلا لأن ما دون ذلك ساعات لا يمكن ضبطها فلا تعتبر وإن كان لا يعقل لا يغسل وإن زاد على يوم وليلة أو نقل من المعركة لأنه لا ينتفع بحياته فكان كالميت وقوله أو أوصى يتناول الوصية بأمور الدنيا وبأمور الآخرة وهو قول أبي يوسف وقال محمد لا يكون مرتثا بالوصية وقيل الاختلاف بينهما فيما إذا أوصى بأمور الدنيا وفي الوصية بأمور الآخرة لا يكون مرتثا إجماعا وقيل الاختلاف في أمور الآخرة وفي أمور الدنيا يكون مرتثا إجماعا وقيل لا خلاف بينهما فجواب أبي يوسف فيما إذا كانت الوصية بأمور الدنيا ومحمد لا يخالفه فيها وجواب محمد فيما إذا كانت الوصية بأمور الآخرة وأبو يوسف لا يخالفه فيها ومن الارتثاث أن يبيع أو يشتري أو يتكلم بكلام كثير وقيل بكلمة وكل ذلك ينقص معنى الشهادة فيغسل وهذا كله إذا وجد بعد انقضاء الحرب وأما قبل انقضائها فلا يكون مرتثا بشيء مما ذكرناه قال رحمه الله ( أو قتل في المصر ولم يعلم أنه قتل بحديدة ظلما ) لأن الواجب فيه القسامة والدية فخف أثر الظلم فيغسل ولو علم أنه قتل بحديدة في المصر وعلم قاتله لم يغسل لأن الواجب فيه القصاص وهو عقوبة شرع لتشفي الأولياء وليس بعوض لعدم عود منفعته إلى الميت بخلاف الدية فإنها عوض عنه ولهذا تعود منفعتها إليه حتى يقضى بها ديونه فبقي كأنه لم يمت من وجه بإخلاف بدله ولأن وجوب المال دليل خفة الجناية لأن المال يثبت بالشبهة ووجوب القصاص دليل نهاية الظلم لأنه لا يجب بالشبهة قال رحمه الله ( أو قتل بحد أو قود ) لأنه باذل نفسه بحق مستحق عليه وشهداء أحد بذلوا أنفسهم لابتغاء مرضاة الله تعالى فلم يكن في معناهم فيغسل قال رحمه الله ( لا لبغي وقطع طريق ) أي لا من قتل لأجل بغي بأن كان مع البغاة ولا من قتل لأجل قطع طريق فإنهما لا يغسلان ولا يصلى عليهما أيضا إهانة لهما وقيل يغسلان ولا يصلى