الثاني إذا ادعى صاحب المال الوديعة وطالبه بالرد فأقر المستودع بالوديعة وسكت ولم يقل شيئا وصاحب المال يدعي عليه الاستهلاك ثم صالحه على شيء معلوم جاز الصلح في قولهم أيضا .
الثالث ادعى الاستهلاك والآخر الرد أو الهلاك ثم صالحه جاز في قول محمد وأبي يوسف الأول وعليه الفتوى .
وأجمعوا على أنه لو صالح بعد حلف المستودع أنه رد أو هلك لا يجوز .
الرابع إذا ادعى المودع الرد أو الهلاك وصاحب المال لا يصدقه في ذلك ولا يكذبه بل سكت ذكر الكرخي أنه لا يجوز هذا الصلح في قول أبي يوسف الأول ويجوز في قول محمد .
ولو ادعى صاحب المال الاستهلاك والمودع لم يصدقه في ذلك ولم يكذبه فصالحه على شيء ذكرنا أنه يجوز هذا الصلح في قولهم ا ه .
كما في المنح .
فقد ظهر من هذا أن الصلح بغير دعوى الهلاك يصح كما سمعته ولم يذكر فيما إذا أقر بالوديعة وصالحه عليها والذي يقتضيه الفقه جوازه لأنه صلح عن مال بمال بإقرار .
تأمل .
قوله ( قيد بعدم دعوى الهلاك ) صادق بسكوته وبدعواه الرد وقد تقدم أنه يصح الصلح فيهما .
قوله ( لأنه لو ادعاه ) أي الهلاك والمالك يدعي أنه استهلكه .
قوله ( وصالحه قبل اليمين ) أما لو صالحه بعد حلف المستودع أنه هلك أو رد لا يجوز الصلح إجماعا .
وفيه أن ذلك داخل في مسألة المصنف المذكورة بعد وفيها خلاف كما ذكره المصنف .
قوله ( خانية ) هذا ما نقله في المنح عنها لكن سقط من عبارته شيء اختل به المعنى فإنه قال في الوجه الثالث جاز الصلح في قول محمد وأبي يوسف الأول وعليه الفتوى .
والذي رأيته في الخانية أن الفتوى على عدم الجواز .
وبقي خامسة ذكرها المقدسي وهي ادعى ربها الاستهلاك فسكت فصلحه جائز لكن هذا هو الثاني في الخانية .
ثم اعلم أن كلام الماتن والشارح غير محرر لأن قوله ( بغير دعوى الهلاك ) شامل للجحود والسكوت ودعوى الرد هو الوجه الأول والثاني وأحد شقي الثالث والرابع وقد علمت أنه في الأول والثاني جائز اتفاقا وكذا في أحد شقي الثالث والرابع على الراجح .
والصواب أن يقول بعد دعوى الرد أو الهلاك بإسقاط غير والتعبير ببعد وزيادة الرد فيدخل فيه الوجه الثالث بناء على المفتى به .
الوجه الرابع بناء على قول أبي يوسف وهو المعتمد لتقديم صاحب الخانية إياه كما هو عادته .
وقوله ( لأنه لو ادعاه ) أي الهلاك شامل لما إذا ادعى المالك الاستهلاك وهو أحد شقي الوجه الثالث أو سكت وهو أحد شقي الرابع وعلمت ترجيح الجواز فيهما فقوله ( صح به يفتى ) في غير محله وقوله ( وصالحه قبل اليمين ) هذا وارد على إطلاق المتن أيضا ورأيت عبارة الأشباه نحو ما ذكرنا .
ونصها الصلح عقد يرفع النزاع ولا يصح مع المودع بعد دعوى الهلاك إذ لا نزاع .
ثم رأيت عبارة متن المجمع مثل ما قلته ونصها وجاز صلح الأجير الخاص والمودع بعد دعوى الهلاك أو الرد ولله الحمد .
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى .
قوله ( ويصح الصلح الخ ) أي لو ادعى مالا فأنكر وحلف ثم ادعاه عند قاض آخر فأنكر فصولح صح ولا ارتباط لهذه بمسألة الوديعة .
قوله ( دفعا للنزاع ) علة لقوله يصح وقوله بإقامة البينة متعلق بالنزاع يعني أن الصلح عن الإنكار يكون افتداء لليمين وقطعا للنزاع وبعد الحلف يصح للاحتياج إلى قطع النزاع فإن المدعي يمكنه بعد اليمين أن يأتي بالبينة فلم يكن اليمين قاطعا للنزاع بل القاطع له الصلح