على معلوم وهو جائز لا محالة وإما أن يكون عن مجهول على مجهول فإن لم يحتج فيه إلى التسليم والتسلم مثل أن يدعي حقا في دار رجل وادعى المدعى عليه حقا في أرض بيد المدعى فاصطلحا على ترك الدعوى جاز وإن احتيج إليه وقد اصطلحا على أن يدفع أحدهما مالا ولم يبينه على أن يترك الآخر دعواه أو على أن يسلم إليه ما ادعاه لم يجز وإما أن يكون عن مجهول على معلوم وقد احتيج إليه إلى التسليم كما لو ادعى حقا في دار يد رجل ولم يسمه فاصطلحا على أن يعطيه المدعى مالا معلوما ليسلم المدعى عليه ما ادعاه وهو لا يجوز وإن لم يحتج فيه إلى التسليم كما إذا اصطلحا في هذه الصورة على أن يترك المدعي دعواه جاز وإما أن يكون عن معلوم على مجهول وقد احتيج فيه إلى التسليم لا يجوز وإن لم يحتج إليه جاز .
والأصل في ذلك أن الجهالة المفضية للمنازعة المانعة عن التسليم والتسلم هي المفسدة فما لا يجب التسلم والتسليم جاز وما وجبا فيه لم يجز مع الجهالة لأن القدرة على تسليم البدل شرط لكونه في معنى البيع انتهى .
.
قوله ( وكون المصالح عنه حقا ) أي للمصالح ثابتا في المحل لا حقا لله تعالى فخرج بقولنا أي للمصالح ما إذا ادعت مطلقة على زوجها أن صبيا في يد أحدهما ابنها منه فصالحها على شيء لتترك الدعوى فإنه يبطل لأن النسب حق الصبي لا حقهما فلا تملك الاعتياض عن حق غيرها .
وخرج بقولنا ثابتا في المحل مصالحة الكفيل بالنفس على مال على أن يبرئه من الكفالة لأن الثابت للطالب حق المطالبة بتسليم نفس الأصيل وهو عبارة عن ولاية المطالبة وأنها صفة الوالي فلا يجوز الصلح عنه كما يأتي .
واختلفت الرواية في بطلان الكفالة كما في الكافي والأصح بطلانها كما في منية المفتي وبه يفتى كما في العناية والبيانية وبقي من الشروط قبض بدله إن كان دينا بدين وإلا لا كما سيأتي .
قوله ( كالقصاص ) في النفس إنما جاز الصلح عنه لأن المحل فيه يصير مملوكا في حق الاستيفاء فكان الحق ثابتا في المحل فيملك الاعتياض عنه بالصلح ط .
قوله ( والتعزير ) الذي هو حق العبد كأن صالحه عن سبه بما دون قذف أما التعزير الذي هو حق الله تعالى كقبلة من أجنبية فالظاهر عدم صحة الصلح عنه لأن الصلح لا يكون إلا من صاحب الحق كما أفاده الرحمتي .
قوله ( أو مجهولا ) كأن ادعى عليه قدرا من المال فصولح أو ادعى عليه القصاص ولم يبين أنه في نفس أو طرف أو شتمه ولم يبين بماذا شتمه وتقدم في باب الاستحقاق صحة الصلح عن مجهول عن معلوم لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة ولأن المصالح عنه ساقط فهو مثل الإبراء عن المجهول فإنه جائز عندنا لما ذكر بخلاف عوض الصلح فإنه لما كان مطلوب التسليم اشترط كونه معلوما لئلا يفضي إلى المنازعة وانظر ما تقدم عن الفتح أواخر العيب وكونه مجهولا أي بشرط أن يكوم مالا يحتاج إلى التسليم كترك الدعوى مثلا بخلاف ما لو كان عن التسليم المدعى به .
قال في جامع الفصولين ادعى عليه مالا معلوما فصالحه على ألف درهم وقبض بدل الصلح وذكر في آخر الصك وأبرأ المدعى عن جميع دعواه وخصوماته إبراء صحيحا عاما فقيل لم يصح الصلح لأنه لم يذكر قدر المال المدعى به ولا بد من بيانه ليعلم أن هذا الصلح وقع معاوضة أو إسقاطا أو وقع صرفا شرط فيه التقابض في المجلس أو لا وقد ذكر قبض بدل الصلح ولم يتعرض لمجلس الصلح فمع هذا الاحتمال لا يمكن القول بصحة الصلح .
وأما الإبراء فقد حصل على سبيل العموم فلا تسمع دعوى المدعي بعده للإبراء العام لا للصلح .