وفي المنح عن تتمة الفتاوي الإقرار يصح من غير قبول لكن البطلان يقف على الإبطال والملك للمقر له يثبت من غير تصديق وقبول لكن يبطل برده والمقر له إذا صدق المقر في الإقرار ثم رده لا يصح الرد وأفاد أيضا صحة الإقرار للغائب .
وأيضا يستفاد هذا مما سيأتي من قوله هي أي الألف المعينة لفلان لا بل لفلان لا يجب عليه للثاني شيء أي لأنه أقر بها للأول ثم رجع وشهد بها للثاني فرجوعه لا يصح وشهادته لا تقبل وبهذا تبين ضعف ما في الخانية من قوله لو أقر لغائب ثم أقر لآخر قبل حضور الغائب صح إقراره للثاني لأن الإقرار للغائب لا يلزم بل يتوقف على التصديق انتهى .
ويمكن أن يقال معنى صحته للثاني ليست لاحتياجه للتصديق وإنما لأجل أن يرتد بالرد فأفاد في الخانية أنه يأخذه الثاني فإذا جاء الأول وصادق قبل رده الإقرار يأخذه وإن قال ليس لي يكون ملكا للثاني ولكن أفاد في البدائع أنه إن دفع للأول بلا قضاء يضمن للثاني لأن إقراره بها صحيح في حق الثاني إذا لم يصح للأول ا ه .
وأنت خبير بأن هذا التعليل ربما يرد عليه وحينئذ فتعليل المنح ظاهر وهو الموافق لظواهر الكتب المعتمدة .
وفي المنح في مسائل شتى فسر الرد بأن يقول ما كان لي عليك شيء أو يقول بل هو لك أو لفلان .
قال العلامة الخير الرملي قولهم الإقرار صحيح بدون التصديق لا يعارض قول العمادي إن إقراره للغائب توقف عمله على تصديق الغائب إذ لا مانع من توقف العمل مع الصحة كبيع الفضولي يصح ويتوقف وكذا لا يعارض ما في الخانية من قوله وأما الإقرار للغائب لا يلزم بل يتوقف على التصديق إذ معناه يتوقف لزومه لا صحته وقوله فإن كان صحيحا يمتنع الإقرار به للغير غير مسلم لعدم الملازمة ألا ترى أن للفضولي قبل إجازة المالك أن يبيع المبيع الذي باعه الآخر ويتوقف فلم يلزم من صحته عدم صحة بيعه للآخر بل الإقرار بمال الغير يصح ويلزم تسليمه إذا ملكه وهذا يدل على أن الإقرار ليس بسبب للملك كما سيأتي فكيف يلزم من صحة إقراره لغائب لا يلزمه ذلك حتى كان له الرد عدم صحة الإقرار به للغير .
والحاصل أن الإقرار يصح مطلقا بلا قبول ولا يلزم لو كان المقر له غائبا ولعدم لزومه جاز أن يقر به لغيره قبل حضوره فاجتمعت كلمتهم على أن القبول ليس من شرط صحة الإقرار وأما لزومه فشيء آخر والمصنف لم يفرق بين الصحة واللزوم فاستشكل في منحه على الصحة المجتمعة عليها كلمتهم باللزوم .
وأما ما أجاب به المجيب المذكور ففيه نظر إذ لو كان كما فهمه لما افترق الإقرار للحاضر والغائب مع أن بينهما فرقا في الحكم ألا ترى إلى قوله في الخانية ولو أقر لولده الكبير الغائب أو أجنبي بعد قوله وأما الإقرار للغائب لا يلزم فالذي يظهر أن الإقرار للغائب لا يلزم من جانب المقر حتى صح إقراره لغيره كما لا يلزم من جانب المقر له حتى رده .
وأما الإقرار للحاضر فيلزم من جانب المقر حتى لا يصح إقراره به لغيره قبل رده ولا يلزم من جانب المقر له فيصح رده وأما الصحة فلا شبهة فيها في الجانبين بدون القبول كما يفهم من كلامهم انتهى .
وفيه ويشكل على ما في الفصول العمادية من قوله وإن ادعى الرجل عينا في يد رجل وأراد استحلافه فقال صاحب اليد هذه العين لفلان الغائب لا يندفع اليمين عنه ما لم يقم البينة على ذلك بخلاف ما إذا قال هذا لابني الصغير .
والفرق أن إقراره للغائب توقف عمله على تصديق الغائب فلا يكون العين مملوكا له بمجرد إقرار ذي اليد فلا يندفع اليمين .
وأما إقراره للصبي فلا يتوقف على تصديق الصبي فيصير العين ملكا للصبي