والحاصل أن الطعام قيل هو اسم للبر ودقيقه وقيل هو اسم لكل مطعوم وقيل بالتفصيل والأول عرف أهل الكوفة وجرى عليه في الكنز كما عرفت والثاني عرف غيرهم وعليه المصنف والثالث ذكره في الوقاية .
لكن قال صدر الشريعة ينبغي أن تكون باطلة إن قلنا إن الطعام يقع على كل ما يطعم فتكون جهالة جنسه فاحشة .
وجوابه أنه يدفع الثمن وبيان المقدار يعلم النوع فتنتفي جهالة الجنس والله تعالى أعلم .
وأقول أن هذه المسألة غير محررة تأليفا وفقها وتحريرها أن يقال إذا قرن الطعام بالبيع والشراء ينظر إلى عرف الوكيل فإن كن البر فقط فلا بد من بيان القدر أو الثمن وإن كان الطعام في عرفه كما في الخانية أنه اللحم المطبوخ والمشوي وما يؤكل مع الخبز أو وحده فيظهر لي أنه من جهالة الجنس فلا يصح التوكيل بين ثمنا أو لا نظير الثوب والدابة إلا أن يقول اشتر من الطعام الذي يعجبك كما يستفاد من الهداية ولما في المقدسي قال اشتر لي أي ثوب شئت فإن قلت تقدم صحة التوكيل بشراء الثياب بألف .
قلت ليست الصحة لأجل ذكر الثمن بل لأجل أن المراد الجنس لكن لا كله لاستحالته بل ما تيسر منه ولعل هذا من قبيل إذا ضاق الأمر اتسع وإلا فما المانع من إرادة الجنس فيما لو وكله بشراء ثوب .
تنبيه قال اشتر لي بهذه الدراهم وأشار إلى دنانير كان وكيلا بالدنانير حتى لو اشترى بالدراهم كان مشتريا لنفسه .
تنبيه آخر أطلق الدراهم فشملت القليل وهي من الواحد إلى الثلاثة والمتوسطة وهي من الثلاثة إلى الخمسة والكثيرة وهي العشرة وما فوقها كما في الكافي والتبيين .
قوله ( كما في اليمين ) أي فإنه يعتبر فيه العرف أي فإن ألفاظ الوكالة كألفاظ اليمين تبنى على العرف كما قدم في باب اليمين في الأكل .
قوله ( كل مطعوم ) لأن الوصية أخت الميراث فكما يكون في كل متروك تكون الوصية لزيد بطعام الموصى بكل مطعوم .
قوله ( ولو دواء الخ ) هذا إنما ذكره البزازي في الأيمان لا في الوصية .
قال في البحر ومن أيمانها لا يأكل طعام فأكل دواء ليس بطعام ولا غذاء كالسقمونيا لا يحنث ولو به حلاوة كالسكنجبين يحنث انتهى .
فليتأمل .
ولعل الشارح قصد بذلك للتنبيه على أن الوصية في حكم اليمين والسكنجبين خل وعسل .
قوله ( به حلاوة ) كأنه محمول على ما إذا خصه العرف بذلك .
بقي هل يعم المأكول والمشروب أو يخص الأول جعل السكنجبين منه يقتضي الأول .
قوله ( وللوكيل للرد بالعجيب ) أطلقه فشمل ما إذا كان رده بإذن الموكل أو بغير إذنه لأنه من حقوق العقد وكلها إليه وأشار إلى أنه لو رضي بالعيب فإنه يلزمه ثم الموكل إن شاء قبله وإن شاء ألزم الوكيل وقبل أن يلزم الوكيل لو هلك يهلك من مال الموكل .
كذا في البزازية .
قوله ( بعد موته أي موت الوكيل ) أشار المصنف إلى أن الرد عليه لو كان وكيلا بالبيع فوجد المشتري بالمبيع عيبا ما دام الوكيل حيا عاقلا من أهل لزوم العهدة فإن كان محجورا يرد على الموكل وإلى أن الموكل أجنبي في الخصومة بالعيب فلو أقر به الموكل وأنكره الوكيل لم يلزمهما شيء .
بخلاف عكسه فإنه يلزم الوكيل لا الموكل إلا أن يكون عيبا لا يحدث مثله في تلك المدة للقطع بقيام العيب عند الموكل وإن أمكن حدوث مثله في المدة لا يرده على الموكل إلا ببرهان وإلا يحلفه فإن نكل رده وإلا لزم الوكيل .
بحر عن البزازية .
قوله ( فلموكله ذلك ) تقدم أنه ينصب القاضي وصيا يأخذ الثمن ويدفعه للموكل وينبغي أن يكون هنا كذلك .
قوله ( وكذا الوكيل بالبيع ) أي فإنه يرد عليه ما دام الوكيل حيا عاقلا من أهل لزوم العهدة إلى آخر ما تقدم وعلى وارثه