أي من حيث أنه لا يعارضه غيره فيه من غير نظر إلى حكم شرعي فدخل فيه توكيل المسلم ذميا ببيع خمر أو خنزير ومحرم حلالا ببيع الصيد لأنه صحيح عنده ولا يملكه الموكل وهو جواب عما يرد على هذا الشرط لكن هذا النظر يعكر على التقييد بقوله جائز وهذا إنما يتأتى على أن الأصل في الأشياء الإباحة ويرد على هذا الشرط أيضا العبد المأذون في تزويج نفسه لا يملك التوكيل كما في المحيط مع أنه يملك أن يتزوج بنفسه .
والجواب أنه بمنزلة الوكيل عن سيده وإن كان عاملا لنفسه والوكيل لا يوكل إلا بإذن أو تعميم كما في البحر .
قوله ( وإن امتنع في بعض الأشياء بعارض النهي ) هذا جواب عما يرد على قولهم يوكل بكل ما يباشره بنفسه ممن يملكه أنه غير مطرد ولا منعكس مع أن الذمي يملك بيع الخمر ولا يملك توكيل المسلم فيه والمسلم لا يملك بيع الخمر ويوكل الذمي فيه .
وحاصل الجواب أن الذمي وإن ملك التصرف لا يملك توكيل المسلم لأنه منهي عنه والمسلم لا يملك التصرف في الخمر لعارض النهي .
وأما أصل التصرف وهو البيع مثلا فجائز ولذلك صح توكيل الذمي ببيعه لكن هذا إنما يتأتى على أن الأصل في الأشياء الإباحة .
قوله ( ابن كمال ) عبارته اعلم أن من شرط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف لأن الوكيل يستفيد ولاية التصرف منه ويقدر عليه من قبله ومن لا يقدر على شيء كيف يقدر عليه غيره وقيل هذا على قولهما وأما على قوله فالشرط أن يكون التوكيل حاصلا بما يملكه الوكيل فأما كون الموكل مالكا له فليس بشرط حتى يجوز عنده توكيل المسلم الذيم بشراء الخمر .
وقيل المراد به أن يكون مالكا للتصرف نظرا إلى أصل التصرف وإن امتنع في بعض الأشياء بعارض النهي ومثله في التبيين .
وذكر بعده أنه لا بد أن يكون الموكل ممن تلزمه الأحكام لأن المطلوب من الأسباب أحكامها فلا يصح توكيل الصبي والعبد المحجور عليهما ا ه .
قوله ( فلا يصح توكيل مجنون وصبي ) مصدر مضاف للفاعل .
قوله ( لا يعقل مطلقا ) سواء كان ضارا أو نافعا أو مترددا بينهما .
قوله ( وصبي يعقل ) أي بأن البيع سالب للمبيع جالب للثمن أو الشراء بالعكس .
قوله ( بتصرف ) متعلق بتوكيل .
قوله ( ضار ) الضرر بالنظر إلى وجه اكتساب المال ظاهرا وإن كان نافعا في نفس الأمر فإنهما سبب الخلف في الدنيا والثواب في العقبى ونفع عباد الله الذي هو غاية الكمال في العبد والتنصل من سيمة البخل لكنها ليست طريق الاكتساب بل تنقيص المال ظاهرا فلا يملكه الصبي وإن كان عاقلا لأن تمام نفعها بحسن النية وهي لا تكون إلا بتمام العقل فلا يصح توكيله به .
ولهذا حكى ابن الكمال ما نقله عنه الشارح بقبل لأنه لو نظرنا إلى أصل التصرف لصح توكيل الصبي بالصدقة لأنه يملك أصل التصرف ويمتنع في البعض بعارض وهو وأراد أيضا على ما قدمه ابن كمال من أن الشرط أن يكون التوكيل حاصلا بما يملكه الوكيل فإن الوكيل يملك الصدقة ونحوها إذا كان بالغا عاقلا ولا يصح توكيل الصبي له في ذلك .
والجواب عن الثاني بأن الوكيل يملك التصرف في ذلك من مال نفسه لا من مال غيره إلا بإذنه ولا يصح إذن الصبي في ذلك لقصود تمام عقله بخلاف بيع الخمر والخنزير فإن الذمي يملكه بمال نفسه وبمال غيره بإذنه والعاقل البالغ يصح إذنه في ذلك بإسقاط حقه عن الخمر والخنزير ألا يرى أن له إهراق الخمر وتسييب الخنزير فكذا له أن يسقط حقه للذمي فيتصرف الذمي بولاية نفسه لأن الحقوق ترجح إليه وهو العاقل حقيقة فحينئذ ينبغي أن يقال بما يملكه الوكيل مع صحة التفويض