كل من الأصلين هي المشهود بها فلا بد أن يجتمع على كل مشهود به شاهدان حتى لو كانت امرأة شاهدة مع الأصول لا يجوز على شهادتها إلا رجلان أو رجل وامرأتان .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى في أحد قوليه لا يجوز إلا أن يشهد على شهادة كل منهما شاهدان غير اللذين على شهادة الآخر فذلك أربع على كل أصل اثنان .
واختاره المزني لأن كل فرعين يقومان مقام أصل واحد فصار كامرأتين فلا تقوم الحجة بهما لأن المرأتين لما قامتا مقام رجل واحد لم تتم حجة القضاء بشهادتهما ولأن أحدهما لو كان أصلا فشهد شهادتهما الأصلية ثم شهد شهادة فرعية مع فرع على شهادة الأصل الآخر لا يجوز اتفاقا فكذا إذا شهدا جميعا على شهادة الأصلين .
وفي قول آخر للشافعي يجوز وهو قول مالك وأحمد لنا ما روي عن علي رضي الله عنه لا يجوز شهادة الشاهد حتى يكونا اثنين فإنه بإطلاقه يفيد الاكتفاء باثنين من غير تقييد بأن يكون بإزاء كل أصل فرعان ولأن حاصل أمرهما أنهما شهدا بحق هو شهادة الأصلين صم شهد بحق آخر هو شهادة الأصل الآخر ولا مانع من أن يشهد شاهدان بحقوق كثيرة بخلاف أداء الأصل شهادة نفسه الأصلية ثم شهادة فرعية على الأصل الآخر مع فرع آخر غيره فإنه إنما لا تجوز لأن فيه يجتمع البدل والمبدل بخلاف ما لو شهد شهادته وشهد اثنان على شهادة الأصل الآخر حيث تجوز وبخلاف شهادة المرأتين فإن النصاب لم يوجد لأنهما بمنزلة رجل واحد ولا يقبل شهادة واحد خلافا لمالك رحمه الله تعالى .
قال الفرع قائم مقام الأصل معبر عنه بمنزلة رسوله في إيصال شهادته إلى مجلس القاضي فكأنه حضر وشهد بنفسه واعتبر هذا برواية الأخبار فإن رواية الواحد عن الواحد مقبولة ولنا ما روينا عن علي رضي الله تعالى عنه وهو ظاهر الدلالة على المراد ولأنه حق من الحقوق فلا بد من نصاب الشهادة بخلاف رواية الأخبار .
كذا في الفتح مع زيادة .
أقول وجه الاستدلال بذلك أن عليا رضي الله تعالى عنه جوز شهادة رجلين على شهادة رجل لم ينف شهادتهما على شهادة رجل آخر ولم يشترط أن يكون بإزاء كل أصل فرعان على حدة فدل إطلاقه على جواز شهادة الفرعين جميعا على شهادة الأصلين ولم يرو عن غير علي خلافه فحل محل الإجماع .
قلت وفيه تأمل .
كذا في العيني .
قوله ( وما في الحاوي ) أي من أنه لا تقبل شهادة النساء على الشهادة .
قوله ( بحر ) عبارته وكذا لا يشترط أن يكون المشهود على شهادته رجلا لأن للمرأة أيضا أن تشهد على شهادتها رجلين أو رجلا وامرأتين ويشترط أن يشهد على شهادة كل امرأة نصاب الشهادة كذا ذكر الشارح .
وقد توهم القدسي في الحاوي أنه قيد احترازي فقال ولا تقبل شهادة النساء على الشهادة ا ه .
وهو غلط ا ه .
قوله ( عن كل أصل ) متعلق بقوله وشهادة عدد فلو شهد عشرة على شهادة واحد تقبل ولكن لا يقضي حتى يشهد شاهد آخر لأن الثابت بشهادتهم شهادة واحد .
بحر عن الخزانة .
وأفاد أنه لو شهد واحد على شهادة نفسه وآخران على شهادة غيره يصح وصرح به في البزازية .
قوله ( ولو امرأة ) لما قدمنا أنه لا بد من نصاب الشهادة على شهادتهما فيجوز للمرأة أن تشهد على شهادتهما رجلين أو رجلا وامرأتين .
قوله ( لا تغاير فرعي هذا وذاك ) أي يكفي شاهدان عن كل أصل ولا يلزم لكل شاهد شاهدان متغايران حتى لو شهد أحدهما على شهادته رجلين وأشهدهما الآخر بعينهما جاز ولو قال لا تغاير فرعيهما لكان أولى .