والثاني أنه عند المخالفة تعارض كلام المدعى والشاهد فلما المرجح لصدق الشاهد حتى اعتبر دون كلام المدعي والجواب عن الأول أن علة قبول الشهادة التزام الحاكم سماعها عند صحتها وتقدم الدعوى شرط ذلك فإذا وجد فقد انتفى المانع فوجب القبول بوجود العلة وانتفاء المانع لا أن وجود الشرط استلزم وجوده .
وعن الثاني بأن الأصل في الشهود العدالة لا سيما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ولا يشترط عدالة المدعي لصحة دعواه فرجحنا جانب الشهود عملا بالأصل ا ه .
قال في الحواشي السعدية أما وجودها عند الموافقة فظاهر وأما عدمها عند المخالفة فكذلك لظهور أن ليس المراد من تقدم الدعوى تقدم أية دعوى كانت بل تقدم دعوى ما يشهد به الشهود .
وتمامه فيها .
قوله ( فإذا وافقتها قبلت ) أي وافقتها معنى وصدر الباب بهذه المسألة مع أنها ليست من الاختلاف في الشهادة لكونها كالدليل لوجوب اتفاق الشاهدين ألا ترى أنهما لو اختلفا لزم اختلاف الدعوى والشهادة كما لا يخفى على من له أدنى بصيرة .
سعدية .
قال سيد الوالد رحمه الله تعالى وبه ظهر وجه جعل ذلك من الأصول .
ثم إن التفريع على ما قبله مشعر بما قاله في البحر من أن اشتراط المطابق بين الدعوى والشهادة إنما هو فيما إذا كانت الدعوى شرطا فيه وتبعه في تنوير البصائر وهو ظاهر لأن تقدم الدعوى إذا لم يكن شرطا كان وجودها كعدمها فلا يضر عدم التوافق .
ثم إن تفريعه على ما قبله لا ينافي كونه أصلا لشيء آخر وهو الاختلاف في الشهادة فافهم وبما تقرر اندفع ما في الشرنبلالية من أن قوله منها أن الشهادة على حقوق العبد الخ ليس من هذا الباب لأنه في الاختلاف في الشهادة لا في قبولها وعدمه فتدبر ا ه .
قوله ( قبلت ) كما إذا ادعى ألفا قرضا فشهدا به تقبل لإمكان القضاء .
قوله ( وإلا توافقها لا تقبل ) بأن ادعى قرضا وشهدا بثمن متاع لا تقبل لأنها خالفت فلم يمكن القضاء بها وذلك أن الشهادة لأجل تصديق الدعوى فإذا خالفتها فقد كذبتها والدعوى الكاذبة لا تعتبر فانعدم الشرط وهو تقدم الدعوى فلم يحكم بها .
عيني .
ولا تنس ما قدمناه قريبا عن العناية من معنى موافقتها إياها .
قال في فصول الأستروشني من الفصل الخامس عشر لو ادعى الغصب وشهد أحدهما أنه أداه والآخر على الإقرار بالغصب لا تقبل .
وإذا اشترى جارية ثم وجد بها عيبا وأراد أن يردها على البائع فأنكر البائع أن يكون باعها بهذا العيب فشهد أحد الشاهدين أنه اشترى هذه الجارية وهذا العيب بها وشهد الآخر على إقراره البائع لم تجز هذه الشهادة لأنهما شهدا على أمرين مختلفين ا ه .
وفي الخلاصة من الفصل الرابع عن الفتاوى الصغرى إذا اختلف الشاهدان لا يخلو عن ثلاثة أوجه إما في زمان أو مكان أو إنشاء وإقرار وكل منها لا يخلو عن أربعة أوجه إما في الفعل أو في القول أو في فعل ملحق بالقول أو عكسه .
أما الفعل كغصب وثبوت نسب يكون بالولادة وهي فعل فيمنع قبول الشهادة في الوجوه الثلاثة .
وأما القول المحض كبيع أو رهن فلا يمنع قبولها مطلقا .
وأما الفعل الملحق بالقول وهو القرض فلا يمنع .
وأما عكسه كنكاح فإنه يمنع ا ه .
قال في البحر عن الكافي وإذا اختلف الشاهدان في الزمان أو المكان في البيع والشراء والطلاق والعتق والوكالة والوصية والرهن والدين والقرض والبراءة والكفالة والحوالة والقذف تقبل وإن اختلفا في الجناية