عظم الكف والوجه مما يحل النظر إليه في الحياة وقيد بالحرة لأن ذراع الأمة يحل بالنظر إليه في حياتها بخلاف نحو عظم ظهرها .
تنبيهات الأول ذكر بعض الشافعية أنه لو أبين شعر الأمة ثم عتقت لم يحرم النظر إليه لأن العتق لا يتعدى إلى المنفصل اه .
ولم أره لأئمتنا وكذا لم أر ما لو كان المنفصل من حرمة أجنبية ثم تزوجها ومقتضى ما ذكر من التعليل حرمة النظر إليه وقد يقال إذا حل له جميع ما اتصل بها فحل المنفصل بالأولى وإن كان منفصلا قبل زمن الحل والله تعالى أعلم .
الثاني لم أر ما لو نظر إلى الأجنبية من المرآة أو الماء وقد صرحوا في حرمة المصاهرة بأنها لا تثبت برؤية فرج من مرآة أو ماء لأن المرئي مثاله لا عينه بخلاف ما لو نظر من زجاج أو ماء هي فيه لأن البصر ينفذ في الزجاج والماء فيرى ما فيه ومفاد هذا أنه لا يحرم نظر الأجنبية من المرآة أو الماء إلا أن يفرق بأن حرمة المصاهرة بالنظر ونحوه شدد في شروطها لأنه الأصل فيها الحل بخلاف النظر لأنه إنما منع منه خشية الفتنة والشهوة وذلك موجود هنا .
ورأيت في فتاوى ابن حجر من الشافعية ذكر فيه خلافا بينهم ورجح الحرمة بنحو ما قلناه والله أعلم .
الثالث ذكر بعض الشافعية أنه كما يحرم النظر لما لا يحل يحرم التفكر فيه قوله تعالى ! < ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض > ! النساء 32 فمنع من التمني كما منع من النظر وذكر العلامة ابن حجر في التحفة أنه ليس منه ما لو وطىء حليلته متفكرا في محاسن أجنبية حتى خيل إليه أنه يطؤها ونقل عن جماعة منهم الجلال السيوطي والتقي السبكي أنه يحل لحديث إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ولا يلزم من تخيله ذلك عزمه على الزنا بها حتى يأثم إذا صمم على ذلك لو ظفر بها وإنما الزلام فرض موطوءته تلك الحسناء .
وقيل ينبغي كراهة ذلك ورد بأن الكراهة لا بد لها من دليل .
وقال ابن الحاج المالكي إنه يحرم لأنه نوع من الزنا كما قال علماؤنا فيمن أخذ كوزا يشرب منه فتصور بين عينيه أنه خمر فشربه أن ذلك الماء يصير حراما عليه اه .
ورد بأنه في غاية البعد ولا دليل عليه اه ملخصا .
ولم أر من تعرض للمسألة عندنا وإنما قال في الدرر إذا شرب الماء وغيره من المباحات بلهو وطرب على هيئة الفسقة حرم اه .
والأقرب لقواعد مذهبنا عدم الحل لأن تصور تلك الأجنبية بين يديه يطؤها فيه تصوير مباشرة المعصية على هيئتها فهو نظير مسألة الشرب ثم رأيت صاحب تبيين المحارم من علمائنا نقل عبارة ابن الحاج المالكي وأقرها وفي آخرها حديث عنه إذا شرب العبد الماء على شبه المسكر كان ذلك عليه حراما اه .
فإن قلت لو تفكر الصائم في أجنبية حتى أنزل لم يفطر فإنه يفيد إباحته قلت لا تسلم ذلك فإنه لو نظر إلى فرج أجنبية حتى أنزل لا يفطر أيضا مع أنه حرام اتفاقا .
قوله ( وقلامة ظفر رجلها ) أي الحرة لا بقيد كونها ميتة وهذا بناء على كون القدمين عورة كما مر .
قوله ( النظر إلى ملاءة الأجنبية بشهوة حرام ) قدمنا عن الذخيرة وغيرها لو كان على المرأة ثياب لا بأس بأن يتأمل جسدها ما لم تكن ملتزقة بها تصف ما تحتها لأنه يكون ناظرا إلى ثيابها وقامتها فهو كنظره إلى خيمة هي فيها ولو كانت تصف يكون ناظرا إلى أعضائها .
ويؤخذ مما هنا تقييده بما إذا كان بغير شهوة فلو بها منع مطلقا والعلة والله أعلم خوف الفتنة فإن نظره بشهوة إلى ملاءتها أو ثيابها وتأمله في طول قوامها ونحوه قد يدعوه إلى الكلام معها ثم إلى غيره ويحتمل أن تكون العلة كون ذلك استمتاعا