في الرعاية الكبرى أفضل المعاش التجارة نتهى .
ويؤيده ما سبق من حديث أحمد .
وإن جعلت الكلام على معنى من أفضل فلا تعارض أو أنه يختلف بختلاف الأشخاص والأحوال .
( وأفضلها ) أي التجارة في ( بز وعطر وزرع وغرس وماشية ) لبعدها من الشبهة والكذب ( وأبغضها ) أي التجارة ( في رقيق وصرف ) للشبهة ( ويسن التكسب ومعرفة أحكامه حتى مع الكفاية التامة قاله في الرعاية ) لقوله تعالى ! < فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه > ! .
ويرشد إليه قوله صلى الله عليه وسلم كالطير تغدو خماصا وتعود بطانا .
والأخذ في الأسباب من التوكل فلا يعتقد أن الرزق من الكسب بل من الله بواسطة .
( وقال ) صاحب الرعاية ( أيضا فيها يباح كسب الحلال لزيادة المال والجاه والترفه والتنعم والتوسعة على العيال مع سلامة الدين والعرض والمروءة وبراءة الذمة ) لأنه لا مفسدة فيه إذن ( ويجب ) التكسب ( على من لا قوت له ولا لمن تلزمه مؤنته ) لحفظ نفسه .
قلت وكذا على من عليه دين واجب لأدائه ( ويقدم الكسب لعياله على كل نفل ) لأن الواجب مقدم على التطوع ( ويكره تركه ) أي التكسب ( والاتكال على الناس قال أحمد لم أر مثل الغني عن الناس وقال في قوم لا يعملون ويقولون نحن متوكلون هؤلاء مبتدعة ) لتعطيلهم الأسباب .
وقال القاضي الكسب الذي لا يقصد به التكاثر وإنما يقصد به التوسل إلى طاعة الله من صلة الإخوان أو التعفف عن وجوه الناس فهو أفضل لما فيه من منفعة غيره ومنفعة نفسه وهو أفضل من التفرغ إلى طلب العبادة من الصلاة والصوم والحج وتعلم لعلم لما فيه من منافع الناس وخير الناس أنفعهم للناس ( وأفضل الصنائع خياطة وكل ما نصح فيه فهو حسن نصا ) .
قال في الآداب الكبرى يجب النصح في المعاملة وكذا في غيرها وترك الغش ( وأدناها ) أي الصنائع ( حياكة وحجامة وأشدها كراهة صبغ وصياغة وحدادة ونحوها ويكره كسبهم ) للخبر في الحجامة وقياس الباقي عليها لأنه في معناها ( و ) يكره ( كسب الجزار لأنه يوجب قساوة قلبه و ) يكره ( كسب من يباشر النجاسات والفاصد والمزين والجرائحي والختان ونحوهم ممن صنعته دنيئة ) لأن ذلك في معنى الحجامة ( قال في الفروع والمراد مع إمكان أصلح منها وقاله ابن عقيل ) قال في الاختيارات وإذا كان الرجل محتاجا إلى هذا الكسب ليس له ما يغنيه عنه إلا المسألة للناس فهو خير له من مسألة الناس كما قال