@ 15 @ .
إذا تقرر هذا فقد دل منطوق كلام الخرقي على أن النجاسة إذا وقعت في القلتين المذكورتين ، ولم يتغير وصف من أوصاف الماء فهو طاهر ، ولا نزاع عندنا في ذلك في غير البول والعذرة المائعة . .
16 لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : سئل رسول الله عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع ، فقال : ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ) وفي لفظ : ( لم ينجسه شيء ) رواه الخمسة ، وصححه ابن خزيمة ، وابن حبان ، والدارقطني . وقال الحاكم : إنه على شرط الشيخين . .
17 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قيل : يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة ؟ وهي بئر يلقى فيها الحيض ، والنتن ، ولحوم الكلاب قال : ( إن الماء طهور لا ينجسه شيء ) رواه أبو داود ، والترمذي وحسنه ، وأحمد وصححه . .
ودل مفهومه على مسألتين ( إحداهما ) أن الماء ينجس بتغير وصف من أوصافه وإن كثر ، ولا نزاع في ذلك ، وقد حكاه ابن المنذر إجماعاً . .
18 وقد روى أبو أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : ( الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه ) رواه ابن ماجه ، والدارقطني ، ولفظه : ( إلا ما غير ريحه أو طعمه ) إلا أن الشافعي رحمه الله قال : هذا الحديث لا يثبت أهل العلم مثله . إلا أنه قول العامة ، لا أعرف بينهم فيه خلافاً ، وكذلك قال أحمد رحمه الله : ليس فيه حديث ، ولكن الله تعالى حرم الميتة ، فإذا صارت الميتة في الماء فتغير طعمه أو ريحه ، فذلك طعم الميتة أو ريحها ، فلا تحل له . وقال أبو حاتم الرازي : الصحيح أنه مرسل قلت : وإذاً يسهل الأمر . .
وظاهر كلام الخرقي ( أنه ) لا فرق بين يسير التغير وكثيره وشذ ابن البنا فحكى وجهاً في العفو عن يسير الرائحة . ( المسألة الثانية ) ، أن ما دون القلتين ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه وإن لم يتغير ، وهو المشهور والمختار للأصحاب من الروايتين ، لمفهوم خبر القلتين ، ولأن النبي أمر بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب ولم يعتبر التغير ، ( والثانية ) : لا ينجس إلا بالتغير ، اختارها ابن عقيل ، وابن المنى وأبو العباس ، وابن الجوز فيما أظن لخبر بئر بضاعة ، ويرشحه حديث أبي أمامة ، وخبر القلتين قد تكلم فيه ابن عبد البر وابن عدي وغيرهما ، وعلى تقدير صحته فالتقدير بهما والله أعلم بناء على الغالب ، إذ