@ 16 @ الغالب أن ما دون القلتين يظهر فيه الخبث ، ويؤثر فيه فيغيره ، بخلاف القلتين فإن الغالب عدم تأثرهما وتغيرهما بورود الدواب والسباع ونحو ذلك عليهما . .
وعموم كلام الخرقي رحمه الله يشمل الراكد والجاري ، وهو إحدى الروايات ، واختارها السامري وغيره ، فعلى هذا إن بلغ مجموع الجاري قلتين لم ينجس إلا بالتغير ، وإلا نجس ، ( والرواية الثانية ) أن الجاري لا ينجس إلا بالتغير ، اختارها الشيخان ( والثالثة ) وهي اختيار الأكثرين ، القاضي وأصحابه تعتبر كل جرية بنفسها ، فإن كانت يسيرة نجست وإلا فلا ، ثم الجرية عند الأكثرين ما أحاط بالنجاسة ، فوقها وتحتها إلى قرار النهر ، وعن يمينها وشمالها ما بين جانبي النهر ، وزاد أبو محمد : ما قرب من النجاسة أمامها وخلفها . ولابن عقيل في فنونه أنها ما فيه النجاسة ، وقدر مساحتها فوقها وتحتها ، ويمينها ويسارها . انتهى . .
وقول الخرقي رحمه الله : فوقعت فيه نجاسة . يخرج به ما إذا كانت النجاسة إلى جنبه كميتة ونحوها ، فإنها لا تؤثر فيه شيئاً ، إذ ذاك تغير مجاورة لا مخالطة ، ويخرج بذلك أيضاً ما إذا سخن بنجاسة ، ولم يعلم وصول شيء من أجزاء النجاسة إليه ، فإن طهوريته باقية بلا خلاف نعلمه ، نعم فيه كراهيته روايتان ( إحداهما ) واختارها ابن حامد : لا يكره نظراً للأصل ( والثانية ) واختارها الأكثرون يكره ، ولها مأخذان ( أحدهما ) احتمال وصول شيء من أجزاء النجاسة إلى الماء ، وإذاً يرتاب فيه . .
19 فيدخل تحت قوله : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) فعلى هذا إذا كان الحائل حصيناً ، وعلم عدم وصول شيء من أجزاء النجاسة إلى الماء لم يكره ، وهذا اختيار أبي جعفر ، وابن عقيل ، ( والثاني ) استعمال الوقود النجس ، لأن هذه الصفة التي حصلت فيه ، حصلت بفعل محرم أو مكروه ، على اختلاف الأصحاب في استعمال ذلك ، فأثرت فيه منعاً ، وعلى هذا يكره وإن كان الحائل حصينا ، وهو اختيار القاضي ، وأحمد رحمه الله أومأ إلى التعليل بكل منهما . .
( تنبيه ) : قد تقدم بيان القلة و ( لم يحمل الخبث ) ، أي يدفعه عن نفسه ، كما يقال : فلان لا يحمل الضيم . إذا كان يأباه ويدفعه عنه ، ( والريب ) الشك ، تقول : وابني فلان . إذا علمت منه الريبة ، وأرابني . إذا أوهمني الريبة والله أعلم . .
قال : إلا أن تكون النجاسة بولًا أو عذرة