@ 300 @ .
ش : أي ولو طالبه بالوديعة ، فلم ينكر أصل الإِيداع ، وإنما قال : ما لك عند شيء . ثم ثبت أنه أودعه ، فادعى الضياع ، أو التلف ، ونحو ذلك سمع منه ، لعدم تنافي دعواه الأولى والثانية ، إذ مع الضياع أو التلف ليس له عنده شيء ، فهو صادق في قوله ، فأمانته باقية ، ودعواه مقبولة ، ولا فرق بين قبل الجحود وبعده ، على ظاهر إطلاق جماعة ، وقال القاضي في المجرد : وقد قيل : إن شهدت البينة بالتلف بعد الجحود فعليه الضمان ، لأنه قد كذبها بالجحود ، وإن شهدت بالتلف قبل الجحود سمعت ولا ضمان عليه ، والله أعلم . .
قال : ولو كانت في يده وديعة فادعاها نفسان ، فقال : أودعني أحدهما ولا أعرفه عينا ، أقرع بينهما ، فمن تقع له القرعة حلف أنها له وأعطي . .
ش : إذا كانت في يده وديعة فادعاها نفسها ، وكل واحد منهما يدعي أنه الذي أودعها ولا بينة ، فلا يخلو من خمسة أحوال ( أحدها ) أن يقر بها لأحدهما دون الآخر ، فهي له مع يمينه ، لأن اليد كانت للمودع ، وقد نقلها إلى المدعي ، فصارت اليد له ، ومن اليد له القول قوله مع يمينه ، وعلى المدعي اليمين للمدعي الآخر ، لأنه منكر لما ادعاه عليه ، فإن حلف برئ وإن نكل قضي عليه بغرمها ، ( الثاني ) أن يقر بها لهما ، فهي بينهما يقتسمانها ، مع تحالفهما ، كما لو كانت بأيديهما وتداعياها ، وعليه اليمين لكل واحد منهما في نصفها ، فإن نكل لزمه عوضها يقتسمانه أيضاً ، ( الثالث ) : أن يقر بها لواحد منهما غير معين ، وهذه مسألة الخرقي ، فإن صدقاه في عدم العلم فلا يمين عليه ، ويقرع بينهما ، لتساويهما في الحق ، أشبها العبدين إذا أعتقهما في مرضه ، وإن أكذباه أو أحدهما ، لزمه يمين واحدة بأنه لا يعلم عين صاحبها ، لأن المدعي يدي عليه العلم بعين صاحبها ، وهو ينكره ، فإن حلف أقرع بينهما كما تقدم ، وإن نكل لزمه غرمها ، قال في التلخيص : ثم إن اتفقا على أن العين وقيمتها بشتركان فيها فلا كلام ، وإن تشاحاها أقرع بينهما ، فدفعت العين للقارع ، ومقتضى كلام أبي البركات أنه مع نكوله يقرع بينهما ، فيأخذ القارع العين ، ويطلب الآخر البدل ، ( الرابع ) جحدهما فالقول قوله ، لأن اليد له ، وعليه لكل واحد يمين ، فإن نكل لزمه لهما العين وعوضها ، يقترعان عليهما ، قال أبو البركات : ويحتمل أن يقتسماهما ( الخامس ) : أقر بها لغيرهما ، وله تقاسيم ليس هذا موضعها ، والله أعلم . .
قال : ومن أودع شيئاً فأخذ بعضه ثم رده أو مثله فضاع الكل ، لزمه مقدار ما أخذ . .
ش : إذا أودع إنسان إنساناً شيئاً ، فأخذ بعضه ثم رده ، فضاع الجميع أو تلف ، لزمه مقدار ما أخذ فقط ، لأنه القدر الذي تعدي فيه ، هذا هو المشهور من الروايتين ، حتى أن القاضي في تعليقه ، وأبا البركات وأبا محمد في الكافي والمغني ، لم يذكروا غيرها ( والرواية الثانية ) يضمن الجميع ، حكاها صاحب التلخيص وغيره ، لأنها وديعه ،