@ 301 @ قد تعدى فيها فضمنها ، كما لو أخذ الجميع انتهى . .
وإن لم يرد ما أخذ بل رد بدله ، فللأصحاب في ذلك طرق ( إحداها ) : أنه لا يلزمه إلا مقدار ما أخذ ، سواء كان البدل متميزاً أو غير متميز ، وهذا مقتضى كلام الخرقي ، وبه قطع القاضي في التعليق ، وذكر نص أحمد على ذلك من رواية الجماعة ، وحكي عنه من رواية الأثرم أنه أنكر القول بتضمين الجميع ، وأنه قال : إنه قول سوء . وذلك لأنه الضمان منوط بالتعدي ، والتعدي إنما حصل في المأخوذ ، فيختص الضمان به ، ( الطريقة الثانية ) : أنه إنه تميز البدل ضمن قدر ما أخذ فقط ، وإن لم يتميز فعلى روايتين ، وهذه طريقة أبي محمد في المغني والكافي ، وأبي البركات ، ( الطريقة الثالثة ) : أن المسألة على روايتين فيهما ، وهي ظاهر كلام أبي الخطاب في الهداية ، ( الطريقة الرابعة ) أنه إن تميز البدل فعلى روايتين ، وإن لم يتميز ضمن الجميع رواية واحدة ، قالها صاحب التلخيص ، ويقرب من هذه الطريقة قول أبي محمد في المقنع ، وكلام القاضي على ما حكى عنه أبو محمد في المغني ومنبى هذه الطريقة على أن المردود باق على ملكه ، فقد خلط ملكه بالوديعة ، فيجري فيه ما تقدم ، وقد فرق أبو محمد بأن المردود يجب رده مع الوديعة ، فلم يفوت على نفسه إمكانه الرد ، بخلاف ثم ، فإنه فوت على نفسه ، إمكان رد الوديعة ، وقد يقال : مسلم أنه يجب عليه الرد ، لكن لا يجب عليه رد هذا المخلوط بعينه ، فهو باق على ملكه ، فإذا خلطه بالوديعة ولم يتميز فقد فوت على نفسه إمكان رد باقيها ، وبالجملة هذه الطريقة وإن كانت حسنة لكنها مخالفة لنصوص أحمد ، وقد يقال : إن نصوصه هنا مقوية لرواية لرواية البغوي ثم . .
واعلم أن شرط هذه المسألة عند أبي محمد ، وأبي البركات ، أن تكون الدراهم ونحوها غير مختومة ولا مشدودة ، أما إن كانت مختومة أو مشدودة فحلّ الشد ، أو فك الختم ، فإنه يضمن الجميع بلا نزاع ، لتهتك الحرز ، وهذا الصحيح عند القاضي ، وقال : إنه قياس قول الأصحاب فيما إذا فتح قفصاً عن طائر فطار . ولم يذكر عن أحمد بذلك نصاً ، ونقل مهنا عن أحمد ما يقتضي أنه لا يضمن إلا ما أخذ ، فقال في رجل استودع رجلًا عشرة دنانير في صرة فأخذ منها المستودع ديناراً فأنفذه ، ثم رد مكانه ديناراً ، فضاعت العشرة يغرم الدينار ، وليس عليه التسعة ، وفي التلخيص أيضاً أن البغوي روى عن أحمد ما يدل على ذلك ، وينبني على ذلك لو خرق الكيس ، فإن كان من فوق الشد لم يضمن إلا أرش الخرق فقط ، وإن كان من تحت الشد ضمن الجميع ، على المشهور عند الأصحاب . .
وقوة كلام الخرقي تقتضي أنه لا يضمن بمجرد نية التعدي ، وهو المذهب المجزوم به ، لرفع المؤاخذة عن ذلك ما لم يتكلم أو يعمل ، ولهذا لو أخرجه إلى السوق بنية الإِنفاق ثم ردها ، ضمنها على أصح الوجهين ، لوجود العمل ، قال القاضي : وقد قيل : إنه يضمن بالنية ، لاقترانها بالإِمساك ، وهو فعل ، وقد ينبني هذا الوجه على