@ 299 @ المودع في الإِمتثال ، فأشبه الغاصب ، أما إن لم يمكن ردها لبعدها ، أو لمخافة في طريقها ، ونحو ذلك فلا ضمان عليه ، لأنه لا يتوجه الأمر إليه والحال هذه ، وإلا لزم تكليف ما لا يطاق ، وإذا لم يتوجه الأمر إليه فلا ضمان ، لانتفاء تعديه ، أما إن أخر لحاجة له مع إمكان الرد كما إذا كان في الحمام ، أو على طعام فأخر إلى الفراغ فظاهر كلام الخرقي وجوب الضمان ، وصرح به في التلخيص ، إناطة للحكم بإمكان الرد ، وفي لحوق المأثم له والحال هذه وجهان ، وظاهر كلام أبي محمد في المغني انتفاء الضمان ، لأنه قال : إذا قال : أمهلوني حتى أقضي صلاتي ، أو آكل فإني جائه ، أو أنام فإني ناعس ، أو ينهضم الطعام عني فإني ممتليء . أمهل بقدر ذلك والله أعلم . .
قال : وإذا ما وعنده وديعة لا تتميز من ماله فصاحبها غريم بها . .
ش : إذا مات إنسان وقد ثبت أن عنده وديعة ، بإقراره أو ببينة ، ولم تتميز من ماله ، فصاحبها غريم بها ، لأنه قد ثبت بإقراره أو بالبينة استحقاق ردها ، وقد تعذر ، فيجب بدلها ، وإذا وجب بدلها كان غريماً بها ، كسائر الحقوق ، أما إن ثبت أنه كان عنده وديعة في حياته ، ثم مات ولم توجد بعينها ، ولم يعلم بقاؤها ولا تلفها ، فوجهان ( أحدهما ) : وقال في المغني : إنه المذهب وجوب الضمان ، [ اعتماداً على أصل وجوب الرد ما لم يعلم ما يزيله ، ( والثاني ) لا ضمان ، نظراً إلى أن الأصل عدم إتلافها والتعدي فيها ، فينتفي الضمان ] ولا فرق فيما تقدم بين أن يوجد جنس الوديعة ، في ماله أو لم يوجد ، قاله أبو محمد ، وقال في التلخيص : إذا أوصى وأجمل ولم يعرف ضمن نص عليه ، وإن ذكر جنسها بأن قال : عندي وديعة عمامة ، أو سراويل ، أو نحو ذلك ، ولم يوجد ذلك في تركه فلا ضمان ، لاحتمال التلف قبل الموت ، والله أعلم . .
قال : ولو طالبه بالوديعة فقال : ما أودعتني . ثم قال : ضاعت من حرز . كان ضامناً ، لأنه خرج من حال الأمانة . .
ش : إذا طالبه بالوديعة فأنكر أصل الإِيداع ، بأن قال : ما أودعتني . فثبت الإِيداع ببينة أو إقرار ، فادعى ما يسقط وجوب الضمان عنه من ضياعها ، أو تلفها ، أو ردها لم يسمع منه ، وجوب عليه الضمان ، وإن أتى ببينة ، لأنه إن ادعى ذلك قبل الجحود ، فهو بدعواه الأولى مكذب لدعواه الثانية أو لبينته ، فينتفيان ، وقيل : يسمع منذ ذلك بالبينة ، وإن ادعى ذلك بعد الجحود ، فقد خرج عن حال الأمانة ، فصارت يده يدا ضامنة لا يد أمانة ، فثبوت التلف أو الضياع لا ينفي عنه الضمان ، نعم إن ادعى الرد بعد الجحود سمع منه كالغاصب ، فيثبت بالبينة ، ويحلف خصمه مع عدمها ، والله أعلم . .
قال : ولو قال : مالك عندي شيء . ثم قال : ضاعت من حرز . كان القول قوله ولات ضمان عليه .