@ 529 @ .
وقد أجاب أحمد رضي اللَّه عنه عن هذا ، فقال عبد اللَّه : قيل لأبي : حديث بلال بن الحارث ؟ قال : لا أقول به ، فلا يعرف هذا الرجل . وقال في رواية الميموني : أرأيت لو عرف بلال بن الحارث ، إلا أن أحد عشر رجلاً من أصحاب رسول اللَّه يروي ما يروي ، أين يقع بلال بن الحارث منهم ؟ وقال في رواية أبي داود : ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة ، وهذا أبو موسى الأشعري يفتي به في خلافة أبي بكر ، وشطراً من خلافة عمر . انتهى . فقد أشار أحمد رحمه اللَّه إلى ضعف الحديث ، ثم على تقدير صحته عارضه بالجم الغفير من الصحابة الذي رووا خلاف ذلك ، ويشهد بذلك حديث جابر ( لا بل لأبد الأبد ) وهذا خبر لا يقبل الفسخ والتغيير ، ويؤيد هذا أن عمر رضي اللَّه عنه لم يذكر تخصيصاً ، وإنما استدل بظاهر الكتاب ، وبفعل الرسول ، بل قد أقر أن النبي وأصحابه فعلوا ذلك ، واعتذر بما ذكر من أنهم يظلون معرسين ، وقد تقدم الجواب عن قولهم ، في أي الأنساك أفضل ، وقول أبي ذر رضي اللَّه عنه موقوف عليه ، وهو مخالف لقول صاحب الشريعة ، ثم قد خالفه أبو موسى وأفتى به في خلافة أبي بكر وعمر رضي اللَّه عنهما ، وخالفه أيضاً ترجمان القرآن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ، بل كان من مذهبه أنه متى طاف بالبيت حل . .
1674 فعن عطاء قال : كان ابن عباس رضي اللَّه عنهما يقول : لا يطوف بالبيت حاج ولا غير حاج إلا حل . قيل لعطاء : من أين يقول ذلك ؟ قال : من قول اللَّه سبحانه : { ثم محلها إلى البيت العتيق } قيل لعطاء : فإن ذلك بعد المعرف ، قال : فكان ابن عباس يقول : هو بعد المعرف وقبله ، وكان يأخذ ذلك جوازاً من أمر النبي ، حين أمرهم أن يحلوا من حجة الوداع . .
إذا تقرر هذا فشرط جواز الفسخ عدم سوق الهدي ، أما من ساق الهدي فإنه لا يجوز له الفسخ ، لما تقدم من النصوص ، ( وشرطه ) أيضاً عدم الوقود ، أما بعد الوقوف فلا فسخ ، لوجود معظمه ، ولأنه إذاً يشرع في تحلله ، فلا يليق فسخه ، مع أن النص لم يرد بذلك ، ولو فسخ السائق أو الواقف لم ينفسخ . .
ومعنى الفسخ أنه إذا طاف وسعى فسخ نية الحج ، ونوى عمرة مفردة ، فيصير متمتعاً ، فيقصر ويحل ، هذا ظاهر الأحاديث ، ومقتضى كلام الخرقي وأبي محمد ، وعن ابن عقيل : الطواف بنية العمرة هو الفسخ ، وبه حصل رفض الإحرام لا غير ، فهذا تحقيق الفسخ وما ينفسخ به . .
( قلت ) : وهذا جيد ، والأحاديث لا تأباه ، والقاضي وأبو الخطاب وغيرهما لم يفصحا بالمسألة ، بل قالوا : يفسخ نيته بالحج ، وينويان إحرامهما ذلك لعمرة ، فإذا فرغا منها أحرما بالحج ، ولا يغرنك كلام ابن المنجا فإنه قال : إن ظاهر كلام المصنف أن الطواف والسعي شرط في استحباب الفسخ ، قال : وليس الأمر كذلك ، لأن الأخبار تقتضي الفسخ قبل الطواف والسعي ، ولأنه إذا طاف وسعى ثم فسخ يحتاج