@ 511 @ فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ، ووحده ، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً ، فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن العباس ، وكان رجلاً حسن الشعر ، أبيض وسيماً ، فلما دفع رسول اللَّه مرت ظعن يجرين ، فطفق الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول اللَّه [ يده ] على وجه الفضل ، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر ، فحول رسول اللَّه يده [ من الشق ] الآخر [ على وجه الفضل ، فصرف وجهه من الشق ] ينظر حتى أتى بطن محسر ، فحرك قليلاً ، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة ، فرماها بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة منها ، مثل حصى الخذف ، رمى من بطن الوادي ، ثم انصرف إلى المنحر ، فنحر ثلاثاً وستين بدنة ، ثم أعطى علياً فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر فطبخت ، فأكلا من لحمها ، وشربا من مرقها ، ثم ركب رسول اللَّه فأفاض إلى البيت ، فصلى بمكة الظهر ، فأتى بني عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ) فناولوه دلوا فشرب منه . رواه أبو داود ، وابن ماجه ، [ ومسلم ] وهذا لفظه ، وله في رواية أخرى ( نحرت هاهنا ومنى كلها منحر ، فانحروا في رحالكم ، ووقفت ههنا ، وعرفة كلها موقف ، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف ) . .
( تنبيه ) : محمد بن علي بن حسين هو الباقر ، والذي فعله معه جابر من وضع كفه بين ثدييه ونحره تأنيساً به ، ورقا عليه ، أو تبركاً بالذرية الطاهرة ، ( ومرحباً ) كلمة تقال عند المسرة للقادم ، ومعناها : صادفت رحباً ، أي سعة . ( والساجة ) الطيلسان ، ويقال لها أيضاً ( الساج ) وقيل : هي الخضر خاصة وفي رواية أبي داود ( نساجة ) بكسر النون ، ضرب من الملاحف المنسوجة ، وقوله : بشر كثير . قيل حضر معه حجة الوداع أربعون ألفاً . ( والمشجب ) بكسر الميم وبالشين المعجمة ، وباء موحدة بعد الجيم [ عيدان تضم رؤسها ] ، ويفر / بين قوائهما ، توضع الثياب عليها ، وقد تعلق عليها الأسقية ، لتبريد الماء ( واستثفري ) بالثاء المثلثة ، وقد تقدم معنا ، وفي أبي داود ( واستفذري ) بذال معجمة ، قيل : مأخوذ من ( الذفر ) وهو كل ريح ذكية من طيب أي تستعمل طيباً يزيل هذا الشيء عنها ، ( والقصوى ) بفتح القاف ممدود وقيل ومقصور ناقة رسول اللَّه [ والقصواء هي الناقة التي قطع طرف أذنها . فقيل : كانت ناقته ] كذلك وقيل وهو المشهور : إنما كان [ هذا ] لقباً لها ، لأنها كانت لا تكاد تسبق ، كان عندها أقضى الجري . .
وقوله في الصفا : فرقي عليه . أي صعد ، بكسر القاف على الأشهر . .
وقوله : محرشاً على فاطمة . التحريش الإغراء بين القوم والبهائم ، وتهييج بعضهم على بعض ، وهو ههنا ذكر ما يوجب عتابه لها .