@ 280 @ من سمع النداء ) وإذا عدم سماع النداء انتفى وجوب الجمعة بنفسه وبغيره ، لكنهم إذا حضروها صحت منهم ، أما إن أقاموها بأنفسهم فلا تصح منهم ، وقد تقدم ذلك للخرقي في دون الأربعين ، والمعتبر في حق من تلزمه بسماع النداء أن يكون بمكان يسمع منه النداء غالباً إذا كان المؤذن صيتاً ، والرياح ساكنة ، والأصوات هادئة والموانع زائلة ، إذ اعتبار حقيقة السماع لا تمكن ، لاختلافه باختلاف حال المنادي ، والسامع ، ومكانهما ، ثم إن أحمد في رواية الأثرم اعتبر سماع النداء وأطلق ، وفي رواية صالح ، وإسحاق بن إبراهيم قيده بالفرسخ ، فاختلف أصحابه فمنهم من لم يقدر النداء بحد على ظاهر رواية الأثرم ، وجعل التحديد بالفرسخ رواية أخرى ، فتكون [ المسألة ] على روايتين ، ومنهم من حده بالفرسخ قال : لأنه الذي ينتهي إليه النداء غالباً ، وهو ظاهر كلام الإِمام [ أحمد ] في رواية صالح ، قال : تجب الجمعة على من يبلغه الصوت ، والصوت يبلغ الفرسخ ، فعلى هذا تكون المسألة رواية واحدة ، وأبو الخطاب جعل كل واحدة من سماع النداء ومسافة الفرسخ فما دونهما موجباً ، فقال : يسمع النداء أو بينه وبين موضع تقام فيه الجمعة فرسخ ، فجعل أيضاً المسألة رواية واحدة ، إعمالًا لنصيه جميعاً . .
واعلم أن الجمعة إذا وجبت قد تسقط بأعذار ، كالمرض الشديد ، والمطر الذي يبل الثياب وغير ذلك مما يبلغ نحو عشرة أشياء ، وليس هذا محل بيانها ، فيسقط الوجوب إذاً ، ومتى حضرت والحال هذه وجبت ، وانعقدت بمن حضر ، وصحت إمامته فيها ، والله أعلم . .
قال : ومن صلى الظهر يوم الجمعة ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإِمام ، أعادها بعد صلاته ظهراً . .
ش : لأنه صلى الظهر قبل وجوبها عليه ، أشبه من صلاها قبل الزوال ، ودليل الوصف أن فرض الوقت عندنا هو الجمعة ، وإنما الظهر بدل عنه عند التعذر ، بدليل الأمر بالسعي في الآية الكريمة . .
879 وقول النبي ( إن الله افترض عليكم الجمعة ) . .
وقوله : ( الجمعة حق واجب على كل مسلم ) ولأنه بفعل الجمعة يكون طائعاً مثاباً ، فدل على أنها الأصل ، وبتركها إلى الظهر من غير عذر يكون عاصياً بالإِجماع . .
وقول الخرقي : قبل صلاة الإِمام . أي قبل فراغ الإِمام من صلاته ، كذا صرح به غيره . وقوله : أعادها بعد صلاته ظهراً . هذا إذا تعذر عليه التجميع ، أما إن أمكنه فيلزمه ، لأن ذلك فرضه . .
وقد أفهم كلام الخرقي شيئين . ( أحدهما ) أن من صلى الظهر ممن عليه حضور