@ 409 @ .
قال : ومن شهد وهو عدل بشهادة قد كان شهد بها وهو غير عدل وردت عليه لم تقبل منه في حال عدالته . .
ش : هذا هو المذهب المعروف ، المجزوم به عند الأكثرين ، لأنه يتهم بأدائها ، لما لحقه بردها من الغضاضة والمعيرة ، فيحتمل أنه أظهر العدالة ليزول عنه ما حصل له من ذلك ، ولا يرد ما إذا ردت لكفره أو صغره ، أو جنونه أو رقه ، أو حرابته ثم أعيدت بعد زوال ذلك ، فإنها تقبل على الأصح ، لانتفاء التهمة في ذلك غالباً أو قطعاً ، وأيضاً الفسق يخفى فيحتاج في معرفته إلى بحث واجتهاد ، وكذلك العدالة ، وإذاً نقول شهادة مردودة بالاجتهاد ، فلا تقبل بالاجتهاد ، حذاراً من نقض الاجتهاد ، ومن ثم قيل وصححه أبو البركات ، وقال أبو محمد في الكافي : إنه الأولى فيما إذا ردت لتهمة رحم ، أو زوجية ، أو عداوة ، أو جلب نفع ، أو دفع ضرر ، ثم زال ذلك : إنها لا تقبل لذلك ، وقيل وقال في المغني : إنه الأشبه بالصحة يقبل نظراً للتعديل الأول ، إذ لا عار على الشاهد في الرد بذلك ، بخلاف الرد بالفسق ، واللَّه أعلم . .
قال : إن كان لم يشهد بها عند الحاكم حتى صار عدلاً قبلت منه . .
ش : إذ العدالة وكذلك البلوغ والإسلام والحرية إنما تعتبر حال الأداء ، لأنه حال ترتب الحكم ، بخلاف ما قبل ذلك ، ولذلك قبلت رواية من كان صبياً في زمن النبي ، كابن عباس ، والنعمان بن بشير ، وغيرهما رضي اللَّه عنهم من صبيان الصحابة ، وقد أجمع الناس على أحضار الصبيان مجالس السماع ، وفائدته ذلك ، واللَّه أعلم . .
قال : ومن شهد وهو عدل فلم يحكم بشهادته حتى حدث منه ما لاتجوز شهادته معه لم يحكم بها .
ش : لأن حدوث ذلك يورث تهمة حال الشهادة ، لأن كثيراً من الناس يستر الفسق ، ويظهر العدالة ، وخرج ما إذا شهد ثم خرس أو عمي ، أو صم أو جن أو مات ، فإن ذلك لا يمنع الحكم ، لأن ذلك لا يورث تهمة ، لأنه لا يحتمل أنه كان موجوداً حال الشهادة . .
قال : وشهادة العدل على شهادة العدل جائزة في كل شيء إلا في الحدود ، إذ كان الشاهد الأول ميتاً أو غائباً . .
ش : الشهادة على الشهادة جائزة في الجملة بالإجماع ، قال أبو عبيد : أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال ، وللحاجة الداعية إلى ذلك ، إذ قد يتأخر إثبات الوقوف ونحوها عند الحاكم ، ثم يموت شهود ذلك ، فلو لم تقبل لأفضى ذلك إلى ضرر كثير ، وإنه منفي شرعاً ، ومحل قبولها الأموال بلا ريب ، للإجماع والمعنى المتقدمين ، لا الحدود بلا نزاع عندنا ، لانتفاء المعنى المتقدم وهو الحاجة ، إذ الستر فيه أولى ، ولأن الحدود تندرىء بالشبهة ،