@ 410 @ والشهادة على الشهادة فيها نوع شبهة ، لتطرق السهو والغفلة والكذب إلى كلا الفريقين ، شاهدي الأصل ، وشاهدي الفرع ، واختلف عن إمامنا فيما عدا ذلك ( فعنه ) وهو ظاهر كلام الخرقي : تقبل ، لأنه حق لا يندرىء بالشبهة ، فأشبه المال ( وعنه ) وو ظاهر كلام أبي بكر وابن حامد لا تقبل ، لأنه حق لا يثبت إلا بشاهدين ، فأشبه حد السرقة ( وعنه ) تقبل إلا في الدماء والحدود ، وإليه ميل أبي محمد ( واعلم ) بأن بابي الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي عند الشيخين في مختصريهما باب واحد ، ما قيل في أحدهما قيل في الآخر ، وما لا فلا . .
( تبيه ) : وأبو البركات يستثني حقوق اللَّه سبحانه من محل الخلاف ، وهو أشمل مما تقدم . .
إذا تقرر هذا فيشترط للشهادة على الشهادة شروط ( أحدها ) تحقق شروط الشهادة من العدالة وغيرها في كل واحد من شاهدي الأصل ، وشاهدي الفرع ، إذ الحكم ينبني على الشهادتين جميعاً ، فاعتبرت الشروط في كل منهما ، كالراوي عن الراوي ، وهذا واللَّه أعلم اتفاق ، فإن عدل شهود الفرع شهود الأصل ، بأن شهادا بعدالتهما ، وعلى شهادتهما جاز ، وإن لم يشهدا بعدالتهما ، وعلى شهادتهما جاز وتولى ذلك الحاكم ( الشرط الثاني ) : أن تتعذر شهادة شهود الأصل ، لأن المقتضي لجواز الشهادة على الشهادة الحاجة ، ولا حاجة مع حضور شهود الأصل ، ولا ترد الرواية ، لأنها أخف ، ولهذا لم يعتبر فيها العدد ، ولا الذكورية ، ولا الحرية ، ولا انتفاء التهمة ، ولا اللفظ ونحو ذلك ، انتهى . ولا ريب أن لا تعذر أبلغ من الموت ، واختلف عن إمامنا في التعذر بما عداه ، كالتعذر بغيبة ، أو مرض يمنع الحضور ونحوه ، أو لكبر أو حبس ، أو خوف من سلطان أو لص ، أو فتنة ونحو ذلك ( فعنه ) وهو الأشهر ، والمختار للأصحاب الاجتزاء بذلك ، كالتعذر بالموت ، والجامع التعذر ( وعنه ) لا يكتفي بذلك ، لاحتمال زوال العذر ، وتأول القاضي ذلك على الموت ، وما في معناه من الغيبة البعيدة ، وعلى المذهب اختلف في حد الغيبة ، فالمختار للشيخين وأبي الخطاب وغيرهم أنها مسافة القصر ، لأنها الغيبة المعتبرة شرعاً في كثير من الأحكام ، فكذلك هنا إلحاقاً للفرد الواحد بالأعم الأغلب ، وعن القاضي أنها مسافة لا تتسع للذهاب والعود في اليوم ، لأنها والحال هذه يلحق شاهد الأصل بأداء الشهادة حرج ومشقة ، وإنهما منتفيان شرعاً ( الشرط الثالث ) أن يعين شاهداً الفرع شاهدي الأصل ، ولا يكفي أن يقولا حرين عدلين ذكرين ، لاحتمال عدالتهما عندهما ، دون غيرهما ، فيتمكن المشهود عليه من الجرح . ( الشرط الرابع ) الاسترعاء ، وهو أن يطلب شاهد الأصل من الشاهد عليه حفظ الشهادة وأداءها ، فيقول : اشهد على شهادتي بكذا . ثم هل يشترط أن يسترعيه بعينه ، وهو احتمال ذكره في المغني ، أو يكتفي بمجرد الاسترعاء ، فلو سمعه يسترعي شاهداً جاز له أن يشهد على شهادته ، وهو الذي أورده في المغني