@ 399 @ فكذلك الشهادة قلت : وهذا لعله لتخريج أبي الخطاب ، ومن الفساق من فعل شيئاً من الفروع المختلف فيها معتقداً للتحريم ، كحنبلي أو شافعي نكح امرأة بغير ولي ، أو شرب من النبيذ ما لم يسكره ، ونحو ذلك على المذهب المنصوص ، ولأبي الخطاب احتمال بقبول شهادته ، لوقوع الخلاف في ذلك ، أما من فل من الفروع ما يعتقد إباحته ، كحنفي شرب من النبيذ ما لا يسكره ، أو تزوج بلا ولي ، وشافعي أخر الحج الواجب مع إمكانه ، أو نكح نكاح تحليل ونحو ذلك ، فهل يفسق وترد شهادته ، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية عبد اللَّه في الحج ، واختيار أبي بكر والشيرازي ، أو لا يفسق ، ولا ترد شهادته ، وهو منصوصه في رواية صالح في شارب النبيذ ، واختيار القاضي والشيخين ؟ على قولين ، ولعل مبناهما على أن كل مجتهد مصيب أو المصيب واحد . .
تنبيهات ( أحدها ) الكبيرة على نص أحمد ما فيها حد في الدنيا ، كشرب الخمر ، والزنا والسرقة ، أو وعيد في الأخرى كاليمين الفاجرة ، وأكل الربا ، والغيبة ، على الأشهر ونحو ذلك ( الثاني ) بقي على الخرقي من شروط من تقبل شهادته شرطان ( أحدهما ) الحفظ ، فلا تقبل شهادة مغفل ، ولا معروف بكثرة الغلط والنسيان وسيأتي ( الثاني ) النطق ، فلا تقبل شهادة الأخرس ، على المنصوص المجزوم به عند الأكثرين ، وإن فهمت إشارته ، لأن الشهادة يعتبر فيها التحقيق والتيقن ، والإشارة فيها نوع احتمال ، وقيل : وأومأ إليه أحمد : إنها تقبل من المفهوم إشارته ، كما يصح لعانه إذا قلنا إنه شهادة ونحو ذلك ، ويحتمل هذا كلام الخرقي ، وتوقف الإمام فيما إذا أداها بخطه ، وقال أبو بكر : لا تقبل ، وهو ( أحد احتمالي ) القاضي ، مفرقا بينهما وبين الطلاق ونحوه ، بأن الطلاق له كناية فضعف ، فلهذا وقع فيه بالكناية ، والشهادة ليس لها إلا صريح ، فقويت فلم تدخلها الكناية ، ( والاحتمال الثاني ) وهو اختيار أبي البركات تقبل ، إذ الكناية عندنا بمنزلة الصريح على أصح الروايتين وأشهرهما ، ولذلك صح نكاح القادر على النطق بها على المذهب ( الثالث ) قد يقال : إن ظاهر كلام الخرقي قبول شهادة البدوي على من هو أهل القرية كالعكس ، وهذا اختيار أبي الخطاب في الهداية ، وإليه ميل أبي محمد ، لدخوله في العمومات ، والذي قطع به القاضي في الجامع ، وأظن وفي التعليق ، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما ، والشيرازي وغيرهم عدم القبول . .
3843 لما روى أبو هريرة رضي اللَّه عنه أنه سمع رسول اللَّه : يقول : ( لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية ) رواه أبو داود وابن ماجه ، وعلل ذلك أبو عبيد بما فيه من الجفاء في حقوق اللَّه تعالى ، واللَّه أعلم .