@ 396 @ إجماع في الجملة ، إذ يتعذر العلم غالباً بدونها ، فلو وقفت الشهادة على الرؤية ، أو السماع من المشهود علهي ، لامتنعت الشهادة على كثير من الأشياء ، وفي ذلك ضياع لكثير من الحقوق ، وإنه لمناف لأصل وضع الشهادة ، وفيه ضرر عظيم ، وإنه منفي شرعاً ، قال مالك رحمه اللَّه : ليس عندنا من يشهد على أحباس أصحاب رسول اللَّه إلا بالسماع إذا ثبت ذلك في الجملة فمحل ذلك اختلف العلماء فيه ، بعد أن حصل إجماعهم على ما قال أبو محمد وللَّه الحمد على الصورتين اللتين ذكرهما الخرقي ، فخص ذلك القاضي في الجامع وأظن وفي الخلاف الكبير ، وأتباعه كالشريف ، وأبي الخطاب في خلافيهما ، وابن عقيل في التذكرة ، والشيرازي وابن البنا في سبعة أشياء الملك المطلق ، والوقف ، والنكاح ، والعتق ، والولاء ، والنسب والموت ، وكأنهم أدخلوا الولادة في النسب لما تقدم من الإجماع ، قال ابن عقيل في التذكرة ، والشيرازي وابن البنا : وما عدا ذلك فلا بد من سماعه من المشهود عليه ، وحكى أبو محمد عن الأصحاب أنهم زادوا على ذلك مصرف الوقف ، والولاية والعزل ، ونحوه في الكافي ، ومقتضى كلامه في المقنع عدم حصر ذلك ، بل ضبطه بما يتعذر علمه في الغالب إلا بذلك ، ومثَّل له بما في المغني ، وزاد الخلع تبعاً للهداية ، ثم قال : وما أشبه ذلك . وزاد عليه أبو البركات الطلاق ، وقال فيه وفي الخلع : نص عليه . وكلامه محتمل للحصر وعدمه . .
إذا تقرر هذا فمن شرط الشهادة بالاستفاضة على ظاهر كلام الخرقي والإمام أن يستفيض ذلك ، بحيث يسمعه من عدد يقع له العلم بخبرهم ، لما تقدم من قوله تعالى : [ ب 2 ] 19 ( { ولا تقف ما ليس لك به علم } ) [ ب 1 ] وقوله عليه السلام ( على مثلها فاشهد أودع ) ونحو ذلك ، وقال القاضي في المجرد : يكفي أن يسمع من عدلين فصاعداً ، ويسكن قلبه إلى خبرهما ، لأن الحقوق تثبت باثنين ، قال أبو البركات : والأصح أنه متى وثق بمن أخبره ، وسكنت نفسه له فليشهد ، وإلا فلا ، ومقتضى هذا ولو أنه واحد ، واللَّه أعلم . .
قال : ومن لم يكن من الرجال والنساء عاقلاً مسلماً بالغاً عدلاً ، لم تجز شهادته . .
ش : يشترط للشاهد سواء كان رجلاً أو امرأة شروط ( أحدهما ) العقل فلا تقبل شهادة منه ليس بعاقل إجماعاً قاله ابن المنذر ، وسواء كان عدم عقله بجنون أو سكر ، أو طفولية أو غير ذلك ، إذ هؤلاء لا تحصل الثقة بهم ، ولا يحصل لهم علم بما يشهدون به ، فمعنى الشهادة منتف فيهم ( الثاني ) الإسلام ، وهو واللَّه أعلم إجماع في الجملة ، لقول اللَّه سبحانه [ ب 2 ] 19 ( { واستشهدوا شهيدين من رجالكم ، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء } ) [ ب 1 ] وقوله تعالى : [ ب 2 ] 19 ( { واشهدوا ذوي عدل منكم } ) [ ب 1 ] والكافر ليس بذي عدل ، ولا هو من رجالنا ، ولا هو ممن نرضاه ، ثم من العلماء من عمم ذلك في كل شيء ، ومنهم من استثنى صورة أو صورتين ،