@ 394 @ والمغني ، وحكاه ابن المنجا رواية ، مستنداً للفظ المقنع ، فعلى هذا إذا كان المتحمل جماعة فالأداء متعلق بالجميع ، فإذا قام به من يكفي منهم سقط عن الباقين ، وإذا امتنع الكل أثموا ، كسائر فروض الكفايات ، وإن لم يوجد إلا من يكفي تعين عليه ، كما لو لم يوجد في القرية إلا مؤذن واحد ونحو ذلك ، ولو كان عبداً لم يكن لسيده منعه ، من ذلك ، كما لا يمنعه من صلاة الفرض فإن دعي بعضهم للفعل مع وجود غيره فهل يتعين عليه ذلك ، بحيث يأثم إذا امتنع ، نظراً للدعاء ، أو لا يأثم ، كما لو لم يدع ؟ فيه وجهان ، حكاهما في المغني ، وفي ذلك بحث ، فإن أدى شاهد وأبى الآخر ، وقال : احلف أنت بدلي . فهل يأثم ؟ فيه وجهان ، وإنما يأثم الممتنع إذا لم يكن عليه ضرر كما سيأتي بيانه ، أما على الأول فيتعين على كل من المتحملين القيام بالشهادة ، كما يجب على جميع المكلفين بالصلاة القيام بها ، وسواء كان المشهود عليه نسيباً أو غيره ، وهو الذي عبر عنه الخرقي بالقريب والبعيد ، ولكن تشترط القدرة على أدائها ، كما صرح به الخرقي ، فلو كان عاجزاً عن أدائها لحبس أو مرض ونحو ذلك لم يلزمه ، إذ جميع التكاليف ملحوظ فيها القدرة ، ولا بد مع ذلك أن لا يلحقه ضرر ، فإن كان يلحقه بأدائها ضرر في نفسه أو ماله لم يلزمه ، لقول اللَّه سبحانه [ ب 2 ] 19 ( { ولا يضار كاتب ولا شهيد } ) [ ب 1 ] . على أن يكون مبنياً للمفعول . .
3834 كما صرح بذلك ابن عباس رضي اللَّه عنهما في قراءته حيث قرأ ( ولا يضارر ) بالفتح ، ولكن يحتمل أن يكون مبنياً للفاعل . .
3835 وقد صرح بذلك عمر رضي اللَّه عنه فقرأ ( ولا يضارر ) بالكسر ، فيخرج من هذا أن النهي إذاً للشاهد عما يطلب منه أو عن التحريف والزيادة والنقصان ، انتهى ، وقول النبي : ( لا ضرر ولا ضرار ) ولأن القاعدة أن الإنسان لا يلزمه أن يضر نفسه لنفع غيره ، ومن ثم قلنا : إذا عجز الشاهد عن المشي فأجرة المركوب والنفقة على رب الشهادة ، كما قلنا في نفقة المحرم في الحج ونحوه ، أنه على المرأة ، وقلنا : إنما يلزمه الأداء إذا كان فيما دون مسافة القصر ، إذ مسافة القصر فما زاد يلحق الضرر بالسعي إليه قال ابن حمدان وقيل : أو ما يرجع فيه إلى منزله ليومه ، قلت : وإبدال أو هنا ببل أظهر . .
تنبيهان ( أحدهما ) الأداء يختص بمجلس الحكم ( الثاني ) الخرقي رحمه اللَّه لم يتعرض لحكم التحمل ، وهو فرض كفاية في الجملة ، لأن الحاجة العامة تدعو إليه ، فهو كالقضاء ونحوه ، ثم هل ذلك مطلقاً ، وهو ظاهر إطلاق أبي محمد وغيره ، ولذلك أورده ابن حمدان مذهباً مطلقاً ، أو يختص بالمال ، وكل حق لآدمي ، وبه قطع أبو البركات ؟ فيه قولان ، وقد تقدم التفريع على القول بفرض الكفاية ، واللَّه أعلم . .
قال : وما أدركه من الفعل نظراً أو سمعه تيقناً ، وإن لم ير المشهود عليه شهد به .