@ 338 @ للطاعة ، ومن أخرج بعضه يصدق عليه أنه ملازم للمسجد ، لا أنه مفارق له ، على أن هذه واقعة عين ، فيحتمل أن الرسول استثنى هذا القدر ، وهذا هو الجواب عن قصة أبي بن كعب إذ هي واقعة عين ، فيحتمل أن الرسول ترك ذلك ناسياً ، ولعله الظاهر ، فلما ذكر حين خرج استدرك فعلمه في الحال . .
إذا تقرر هذا ( فمن صور ) الخلاف إذا حلف لا يلبس ثوباً من غزلها أو نسجها أو شرائها فلبس ثوباً شوركت في غزله أو نسجه أو شرائه ، أو لا يبيع أمته أو لا يهبها فباع بعضها ووهب بعضها ، وما أشبه ذلك ، واختلف الأصحاب فيما إذا قال : لا ألبس من غزلها ، فلبس ثوباً فيه منه ، فقال القاضي و أبو الخطاب في الهداية : إنه على الروايتين ، لأن المعنى لا ألبس ثوباً من غزلها لأن الغزل لا يلبس بمفرده ، واختار الشيخان تحنيثه على الروايتين ، لأنه يصدق أنه لبس من غزلها ، ( ومن صور ) المسألة عند الأكثرين والقاضي وغيره مسألة الخرقي ، وهو ما إذا حلف لا يدخل داراً فأدخلها بعض جسده ، يده أو رجله ونحو ذلك ، لأنه منع نفسه من الدخول ، وإذا تساويا معنى حكماً ، كمنع نفسه من أكل الرغيف مثلًا ، ولا ريب أن المسألة يها روايتان منصوصتان ، والأكثرون على التحنيث كالمسألة السابقة ، تسوية بينهما ، وأبو بكر وأبو الخطاب في الهداية اختارا عدم التحنيث ، بخلاف المسألة السابقة ، فإن أبا بكر يختار فيها الحنث كالجماعة ، وكأن الفرق أن الحالف لا يدخل داراً إذا أدخلها بعض جسده لا يصدق عليه أنه دخل ، وإنما أدخل يده أو رجله مثلًا ، فلا يكون مخالفاً ليمينه . .
( تنبيهان ) ( أحدهما ) محل الخلاف كما تقدم في اليمين المطلقة ، أما إن نوى الجميع أو البعض اعتمدت نيته ، وكذلك إذا قامت قرينة تقتضي أحد الأمرين كما إذا حلف لا يشرب النهر ، أو : لا أكلت الخبز ، أو لا كلمت المشركين ، أو لا أهنت الفقراء . ونحو ذلك ، فإن يمينه تتعلق ببعض ذلك وجهاً واحداً ، وعكس هذا إذا حلف لا يصوم يوماً ، أو لا يصلي صلاة ، أو علق طلاق امرأته على وجود حيضة ونحو ذلك ، فإن يمينه تتعلق بالجميع . .
( الثاني ) مما مثل به أبو محمد في الكافي ، وابن عقيل في التذكرة للمسألة : إذا حلف لا يأكل رغيفاً فأكل بعضه ، وترجمها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما : إذا حلف لا يفعل شيئاً ففعل بعضه ، وظاهر هذا أنه لا فرق بين أن تكون اليمين على شيء معين أو مبهم ، والله أعلم . .
قال : ولو حلف أن يدخل لم يبر حتى يدخل جميعه . .
ش : لا نزاع في هذا فيما نعلمه ، إذ اليمين تناولت فعل الجميع ، فلم يبر إلا به ، كما لو أمر بشيء فإنه لا يخرج عن عهدة الأمر إلا بفعل الجميع بلا ريب ، ومثل هذا إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف ونحوه ، فإنه لا يبر إلا بأكل جميعه والله أعلم .