@ 339 @ .
قال : ولو حلف أن لا يلبس ثوباً هو لابسه ، نزعه من وقته ، فإن لم يفعل حنث . .
ش : أما نزعه من وقته فليمتثل ما حلف على تركه ، وأما تحنيثه إذا لم ينزع في الحال فلأن استدامة ذلك يسمى لبساً ، ولذلك يقال : لبست هذا الثوب شهراً ويرشح هذا منع الشارع من استدامة المخيط في الإحرام كابتدائه ، وحكم : لا يركب دابة هو راكبها كذلك ، بخلاف : لا يتزوج ، ولا يتطيب ، ولا يتطهر ، فإنه لا يحنث باستدامة ذلك على المذهب ، لأنه لا يقال : تزوج شهراً . إنما يقال : منذ شهر ، وكذلك في التطيب والتطهير ، وحنثه القاضي في كتاب إبطال الحيل ، والله أعلم . .
قال : وإن حلف أن لا يأكل طعاماً اشتراه زيد ، فأكل طعاماً اشتراه زيد وبكر ، حنث إلا أن يكون أراد أن لا ينفرد أحدهما بالشراء . .
ش : أما مع النية فواضح ، وأما مع عدمها فا ختلف الأصحاب في ذلك ، فعن بعضهم أنه خرجها على الروايتين في فعل بعض المحلوف عليه ، لأن الضمير في : اشتراه . يرجع إلى الطعام ، والطعام لم ينفرد زيد بشرائه ، إنما اشترياه معاً . واختار الشيخان أنه يحنث على الروايتين ، لأن زيداً مشتر لنصفه ، ونصفه طعام ، فوجب أن يحنث به لوجود المحلوف عليه ، كما لو انفرد زيد بشرائه ، وهذا مقتضى قول القاضي في جامعه ، والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما ، وابن البنا وغيرهم ، فإنهم جزموا في هذه الصورة بالحنث ، مع حكايتهم الخلاف في الصورة السابقة ، وكذلك قطع هؤلاء بالحنث فيما إذا قال : لا آكل مما طبخه زيد ، أو لا ألبس ثوباً خاطه زيد ، أو لا أدخل داراً لزيد ، مع حكايتهم الخلاف في الأصل السابق ، ووافقهم أبو محمد في الأولى ، وخالفهم في اللتين بعدها ، فأجرى فيهما الخلاف ، والله أعلم . .
قال : ولو حلف أن لا يكلمهما أو لا يزورهما ، فكلم أو زار أحدهما حنث ، إلا أن يكون أراد أن لا يجتمع فعله بهما . .
ش : أما إذا كانت له نية فلا إشكال في اعتمادها ، كما إذا قصد أن لا يجتمع فعله وهو الزيارة أو الكلام بأحدهما ، فإنه لا يحنث إلا بزيارتهما أو كلامهما ، ولو قصد ترك كلام أو زيارة كل منهما منفرداٍ حنث بكلام أو زيارة أحدهما ، وإن أطلق خرج على الروايتين في فعل بعض المحلوف عليه ، لأن الحالف على كلام شخصين أو زياراتهم إذا كلم أو زار أحدهما فعل بعض المحلوف عليه ، قال أبو محمد : ويمكن أن يقال : إن تقدير يمينه : لا كلمت هذا ، ولا كلمت هذا . لأن المعطوف يقدر له بعد حرف العطف فعل وعامل مثل العامل الذي قبل المعطوف عليه ، فيصير كقوله تعالى : 19 ( { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } ) أي وحرمت عليكم بناتكم ، وإذاً يصير كل واحد منهما محلوفاً عليه منفرداً ، كما لو صرح بذلك . قلت : هذا على القول الضعيف للنحاة من أنه يقدر للمعطوف عامل مثل عامل المعطوف عليه ، أما على القول المشهور من أن العامل فيهما واحد وهو الأول فلا يمشي ما قاله ، وحكم : لا آكل