@ 336 @ ثم بين ذلك بقاعدة ، وهي أن من شرط المخصص أن يكون منافياً للمخصص ومعارضاً له ، وقصد البعض مع الغفلة عن الباقي لا معارضة فيه ، ونظر ذلك ب ( اقتلوا الكفار ، اقتلوا اليهود ) فاقتلوا اليهود ، لا يعارض الأول ، بل يؤكد بعض أنواعه ، ولو قال : لا تقتلوا أهل الذمة . لخصص لحصول المنافاة ، ثم أورد على نفسه أن العلماء يستعملون العام في الخاص وهو ما تقدم ، وأنه لو قال : لا لبست ثوباً كتاناً . اختصت يمينه بالكتان ، وأجاب عن الأول بأن معنى قولهم ، إطلاق اللفظ ، وإخراج بعض مسمياته عن الحكم المسند للعموم ، لا قصد بعض العموم ، وعن الثاني بأن المستقل إذا لحقه غير مستقل صيره غير مستقل ، والصفة هنا وهي ( كتاناً ) لا تستقل ، فإذا لحقت مستقلًا وهو الموصوف قبلها صيرته غير مستقل فأبطلت عمومه ، وأورد على هذا لم لا تجعل الصفة لفظ له مفهوم مخالفة ، وهو دلالته على العدم عن غير المذكور ، والمفهوم من دلالة الالتزام ، والنية لا دلالة لها ، لا مطابقة ولا تضمناً ولا التزاماً ، لأنها من المعاني والمعاني مدلولات ، فليس فيها ما يقتضي إخراج غير المنوي ، فبقي الحكم للعموم ، وهذا البحث الذي قاله حسن ، إلا أن ظاهر قول الفقهاء من أصحابنا وغيرهم يخالفه ، والظاهر أن مثل هذا من باب إطلاق العام وإرادة الخاص ، وقوله : إن معنى ذلك إطلاق اللفظ وإخراج بعض مسمياته ؛ منازع فيه ، بل هو إطلاق العام مريداً لخاص ، كإطلاق الثوب مريداً به الكتان ، وقد وقع للقاضي من أصحابنا أن اللفظ في نفسه لا يتصف بعموم ولا خصوص إلا بقصد المتكلم ، فإذا قال الحالف : لا لبست ثوباً . يقصد الكتان ، فقصده لا يتناول غير الكتان ، فلا يحنث إلا به ، وقد حكى القاضي عبد الوهاب وناهيك به أن العموم هل يقصر على مقصوده ، أو يحمل على عموم لفظه ؟ على قولين لأصحابه وغيرهم ، ونصر قصره ، وهذا هو هذه المسألة بعينها والله أعلم . .
قال : ولو حلف لا يسكن داراً هو ساكنها خرج من وقته ، فإن تخلف عن الخروج حنث . .
ش : لأن يمينه اقتضت المنع من السكنى ، فمتى تأخر عن الخروج حنث ، لأنه يصدق عليه أنه ساكن ، ( وظاهر ) إطلاق الخري يقتضي أنه لو أقام لنقل متاعه وأهله ، أو لخوف من الخروج ، ونحو ذلك أنه يحنث ، والمعروف خلاف هذا ، إذ الانتقال عرفا إنما يكون بالأهل والمال وعلى وجه يمكنه ، فهو غير داخل في اليمن ، ( وظاهر ) إطلاقه أيضاً أنه لو خرج دون أهله ومتاعه أنه لا يحنث ، والمعروف حنثه أيضاً في الجملة ، اعتماداً على العرف كما تقدم ، إذ العرف أن السكنى تكون بالأهل والمال ، ألا ترى أنه يقال : فلان ساكن في كذا . وهو غائب عنه ، وفرق أبو محمد في المغني ، فحنثه بالأهل دون المتاع ، واتفق هو والأصحاب فيما علمت أنه لو أودع متاعه أو أعاره ، أو أزال ملكه عنه ، أو أبت امرأته من الخروج ولم يمكنه إكراهها أنه لا يحنث بالخروج وحده .