@ 335 @ بينهما ، وصار هذا كألفاظ الشارع العافة ، على المعرف عندنا وعند الأصوليين ، تحمل على مقتضاها من العموم ، ولا تخصص بأسبابها ، وبنى أبو الخطاب ذلك على ما إذا اجتمع التعيين والإضافة . .
والقول الثاني وهو ظاهر كلام الخرقي ، واختيار أبي محمد ، وحكي عن القاضي في موضع : يحمل اللفظ العام على السبب ، ويكون ذكر السبب مبنياً على أن العام أريد به خاص ، لما تقدم ، وأيضاً فإن السبب هو العلة المقتضية للحكم ، فيزول الحكم بزوالها ، وخرج عن ذلك ألفاظ الشارع ، فإن العلة في وجودها ليس السبب ، ثم المقصود في ألفاظ الشارع تقرير الحكم وتعميمه لجميع المكلفين وفي جميع الصور ، بخلاف غيره . .
والقول الثالث : لا يقتضي التخصيص فيما إذا حلف لا يدخل البلد لظلم رآه فيه ، ويقتضي التخصيص فيما إذا دعي إلى غداء فحلف لا يتغدى ، أو حلف لا يخرج عبده أو زوجته إلا بإذنه والحال يقتضي ما داما كذلك ، وقد أشار القاضي إلى هذا في التعليق ، فقال بعد ذكر صورة الغداء ، وفيما إذا تأهبت امرأته للخروج فقال : إن خرجت فأنت طالق : لا يعرف الرواية عن أصحابنا في هذا ، وقياس المذهب أن يمينه لا تقصر على الخروج الذي تأهبت له ، ولا على الغداء عنده ، لعموم اللفظ ، ولقول أحمد وذكر مسألة الصيد من النهر قال : وقيل تقصر يمينه على الغداء عنده ، وعاى الخروج الذي تأهبت له لأنه لا عموم لهذا اللفظ إذ قوله : إذا خرجت ، يقتضي خروجاً واحداً ، وكذلك : إن تغديت ، يقتضي غداءً واحداً ، فيختص ذلك الواحد المنكر بدلالة الحال . .
تنبيهان ( أحدهما ) هذا الذي قاله الخرقي من تقديم النية على السبب هو الذي اعتمده عامة الأصحاب ، وعكس ذلك الشيرازي ، فقدم السبب على النية . .
( الثاني ) إذا اختلف السبب والنية ، كأن تمن امرأته عليه بغزلها ، فحلف : لا لبست ثوباً من غزلها . وقصده اجتناب اللبس خاصة ، دون الانتفاع بالثمن ، قدمت النية على السبب وجهاً واحداً ، لموافقتها مقتضى اللفظ ، وإن قصد ثوباً واحداً فكذلك في ظاهر كلام الخرقي ، واختيار أبي محمد ، إذ السبب إنما اعتبر لدلالته على القصد ، فإذا خالف حقيقة القصد كان وجوده كعدمه ، وقدم القاضي والحال هذه السبب لموافقته العموم ، فيجتمع ظاهران على مخالفة النية ، قلت : وهذا متوجه في الحكم . .
( الثالث ) بحث شهاب الدين القرافي بحثاً ملخصه الفرق بين النية المخصصة والمؤكدة ، وقال : إن أهل العصر لا يكادون يفرقون بينهما ، فالحالف إذا حلف لا يلبس ثوباً ونوى الكتان لا يحنثوه بغيره ، قال : وهو خطأ بالإجماع ، إذ العام إذا أريدت به أفراده حصل التحنيث بها في اللفظ والنية المؤكدة ، وإن لم ترد حنث باللفظ ، وإن نوى بعض الأفراد غافلاً عن البعض الآخر حنث في المنوى واللفظ والنية المؤكدة وفي البعض الآخر باللفظ أطلق العام ونوى إخراج بعض أفراده لم يحنث بالمخرج ،