@ 265 @ والظاهر حملها على ظاهرها ، وأن المراد بالضرورة هنا الضرورة المبيحة للميتة ، ولهذا قال القاضي هنا بعد أن ذكر الرواية : وعندي أنه يباح له الأكل إذا احتاج إلى ذلك ، مثل أن تشتهي نفسه الثمرة وتلتهف عليها ، ولا شيء معه لشرائها ، ولا يجد من يبيعه إياها نسيئاً ، لا يقال : فلا فائدة في هذه المسألة على هذه الرواية ، لأن غير الثمرة تباح أيضاً عند الضرورة ، لأنا نقول : فائدة ذلك أن الثمرة تباح مجاناً حيث أبيح تناولها ، ( وعنه ) يباح ذلك في السفر دون الحضر ، قال في الرواية صالح وسئل عن ذلك : إنما الرخصة للمسافر ، وهذه الرواية قد تحمل على رواية اشتراط الحاجة . .
واعلم أن هذا الخلاف كله في الأكل بفيه دون الحمل كما صرح به الخرقي ، وشهدت به الأحاديث ، وهو أن لا يتخذ خبنة ، وهي ما تحمله في حضنك ؛ وقيل : هو أن يأخذه في خبنة ثوبه ، وهو ذيله وأسفله . .
ثم شرط جواز الأكل حيث قيل به أن لا يكون على الثمرة حائط ، نص عليه أحمد والأصحاب ، قال 16 ( أحمد ) : لأنه شبه الحريم . .
3574 وبأنه استند في ذلك إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما : إن كان عليها حائط فهو حريم فلا تأكل ، وإن لم يكن عليها حائط فلا بأس ، وسيأتي في الحديث ما يرشد إلى ذلك أيضاً . ( نعم ) إن كان مضطراً جاز له الدخول والأكل ، وفي معنى الحائط الناطور . قاله غير واحد من الأصحاب ، وقال في المغني : قال بعض أصحابنا : الناطور بمنزلة المحوط . .
وظاهر كلام الخرقي أن هذا الحكم مختص بالثمرة ، فلا يثبت هذا الحكم لغيرها من مال الغير ، ولا نزاع في ذلك إلا في صورتين ، فإنه قد اختلف عن إمامنا فيهما ، ( إحداهما ) الزرع ( فعنه ) المنع كغيره من الأموال ، وقال : إنما رخص في الثمار ، وقال : ما سمعنا في الزرع أن يمس منه ، وذلك لأن الثمار النفوس تتشوف إليها رطبة ، بخلاف الزرع ، ( وعنه ) يأكل من الفريك ، إذ العادة جارية بأكله رطباً فأشبه الثمرة ، قال أبو محمد : وكذلك الحكم في الباقلاء والحمص وشبههما مما يؤكل رطباً ، فأما الشعير وما لم تجر العادة بأكله فلا يجوز الأكل منه . .
قلت : ولهذه المسألة التفات إلى ما تقدم في الزكاة من أنه يوضع لرب المال عند خرص الثمرة الثلث أو الربع ، ولا يترك له شيء من الزرع إلا ما العادة أكله فريكاً . .
( تنبيهان ) : ( أحدهما ) قد علم أن الخلاف إنما هو في الفريك ، وأبو محمد ألحق بذلك ما في معناه كما تقدم وهو حسن ، والشيخان في مختصريهما وغيرهما يحكون الخلاف في الزرع على الإطلاق . .
( الثاني ) ظاهر كلام أحمد أن الخلاف في الزرع حيث رخص له في الثمرة ، وأبو البركات جعل الخلاف على الرواية الأولى ، وظاهر كلامه المنع على ما بعدها مطلقاً .