@ 171 @ .
ومقتضى كلام الخرقي أن المجوس ليسوا أهل كتاب ، لعطفهم على أهل الكتاب ، والعطف يقتضي المغايرة ، وهو كذلك ، ويدل عليه قوله : ( سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب ) فدل على أنهم غيرهم . .
وقال الله سبحانه : 19 ( { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } ) فدل على أن الكتاب إنما أنزل على طائفتين فقط ، وهم اليهود والنصارى ، ومما يرشح ذلك توقف عمر رضي الله عنه في أخذ الجزية منهم ، ولو كان لهم كتاب لما توقف ، لدخولهم في الذين أوتوا الكتاب ، المأمور بأخذ الجزية منهم . .
3321 وما يروى عن علي رضي الله عنه أن لهم كتاباً ، فقال أبو عبيد : لا أحسبه محفوظاً ، ثم عموم كلام الخرقي يشمل أهل الكتاب والمجوس من العرب وغيرهم ، وهو كذلك لما تقدم أن النبي أخذ الجزية من أهل نجران وهم من العرب . .
3322 وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى أكيدر دومة ، فأخذوه فأتوا به ، فحقن له دمه ، وصالحه على الجزية . رواه أبو داود ، وهو عربي من غسان . .
3323 ولا يغرنك ما روى أبو داود في المراسيل عن الحسن ، قال : أمر النبي أن يقاتل العرب على الإسلام ، ولا يقبل منهم غيره ، وأمر أن يقاتل أهل الكتاب على الإسلام ، فإن أبوا فالجزية ؛ إذ مراسيل الحسن عند أهل العلم بالحديث من أضعفها ، وقول الخرقي : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . تبع فيه لفظ الآية . قال أبو الخطاب : يمتهنون عند أخذها ، ويطال قيامهم ، وتجر أيديهم . .
قال : ويقاتل من سواهم من الكفار حتى يسلموا . .
ش : هذا هو المذهب المعروف ، لعموم 19 ( { اقتلوا المشركين } ) ونحو ذلك . وقول النبي : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) الحديث ، خرج من ذلك أهل الكتاب والمجوس بالآية الكريمة وبالحديث ، فيبقى فيما عداه على العموم ، ثم في قول النبي : ( سنوا بهم سنة أهل الكتاب ) دليل على أن أهل الكتاب هم المختصون ببذل الجزية وإلا فليس للتخصيص فائدة . .
ومما يرشح ذلك أيضاً توقف عمر رضي الله عنه فيهم حتى أخبره عبد الرحمن بما أخبره ، ولو جاز أخذ الجزية من كل كافر لم يكن لتوقفه معنى . .
( وعن أحمد ) رواية أخرى : يقبل من جميع الكفار ، إلا عبدة الأوثان من العرب ، لأنهم يقرون على دينهم بالاسترقاق ، فأقروا بالجزية كالمجوس .