@ 138 @ كالحجر والعصا ، وقوله : فيغصبونهم المال مجاهرة . مفهومه أنهم لو أخذوا المال خفية ، أو على وجه الخطف فليسوا بمحاربين ، وهو كذلك . .
وأنه لو خرج الواحد والاثنان على رخر الركب فأخذوا منه شيئاً فليسوا بمحاربين ، وإن خرجوا على عدد يسير فقهروهم فهم محاربون ، والله أعلم . .
قال : فمن قتل منهم وأخذ المال قتل وإن عفا صاحب المال ، وصلب حتى يشتهر ، ودفع إلى أهله ، ومن قتل منهم ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب ، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد ، ثم حسمتا وخلي . .
ش : مذهب أحمد رحمه الله أن قاطع الطريق إذا قتل وأخذ المال قتل وصلب ، وإن قتل ولم يأخذ المال قتل فقط ، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، وإن لم يأخذ المال ولم يقتل نفي ، لما تقدم عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما . .
3205 وذكر الزجاج أنه روي في التفسير أن أبا بردة الأسلمي كان عاهد النبي أن لا يعرض لمن يريد النبي وأن لا يمنع من ذلك ، وأن النبي لا يمنع من يريد أبا بردة ، فمرّ قوم يريدون النبي بأبي بردة ، فعرض أصحابه لهم فقتلوهم وأخذوا المال ، فأنزل الله على نبيه ، وأتاه جبريل وأعلمه أن الله عزّ وجلّ يأمره أن من أدركه منهم قد قتل وأخذ المال قتله وصلبه ، ومن قتل ولم يأخذ المال قتله ، ومن أخذ المال ولم يقتل قطع يده لأخذ المال ، ورجله لإخافته السبيل اه . .
وفي ثبوت هذا نظر ، فإنه قد ثبت عن ابن عمر وغيره رضي الله عنهم أن الآية نزلت في غير هذا ، ولا يغرنك قول أبي محمد في الكافي أن قضية أبي بردة رواها أبو داود ، فقد قال هو في المغني قيل رواها أبو داود . .
قلت : والقطع أنها ليست في سنن أبي داود ، وإلا لذكرها ابن الأثير في جامع الأصول وغيره . .
والمعتمد في ذلك على قول ابن عباس رضي الله عنهما وهو إن خالف ظاهر الآية الكريمة لكن يرجحه أن قوله موافق للقاعدة الشرعية ، من أن العقوبات على قدر الإجرام . .
ولهذا اختلف حد الزاني والسارق والقاذف وغيرهم ، بخلاف ظاهر الآية الكريمة . . . فإن ظاهرها أن من حارب حصل فيه هذا التخيير من القتل أو القطع ، وإن لم يقتل ولا أخذ المال ، وأيضاً عموم قول النبي : ( لا يحل دم امرئ مسلم ، يشهد أن لا إله إلاّ الله إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير الحق ) . وهذا قد يعترض عليه بأنه عموم ، والآية تخصه . وكون العقوبة تختلف باختلاف الجرم مسلّم ، ولكن الشارع رأى أن هذه المفسدة العظيمة جزاؤها هذا