(19) بطلان قول من قال: إن في المقدور لطفا، لو فعل الله بالكافر لآمن لامحالة، من قبل أنه قيل في قوله (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك) قولان: أحدهما - أن المعاند لا ينفعه الدلالة لانه عارف والآخر أنه لالطف لهم فتلتمسه ليؤمنوا، وعلى القولين فيه دلالة على فساد قول أصحاب اللطف، لان مخرجه مخرج التنصل من التخليف عنهم ما يؤمنون عنده طوعا، فلو قال قائل: وما في أن الآية لاينفعهم في الايمان لطف ينفعهم فيه لكان لا يسقط سؤاله. إلا بأن يقال: لا لطف لهم كما لا آية تنفعهم. وقوله: (ولئن اتبعت أهواءهم) قيل في معناه ثلاثة أقوال: احدهما - (لئن اتبعت أهواءهم) في المداراة لهم حرصا على أن يؤمنوا (إنك إذا لمن الظالمين) لنفسك مع اعلامنا إياك: (انهم لا يؤمنون) هذا قول ابي علي الجبائي. الثاني - الدلالة على أن الوعيد يجب باتباع أهوائهم فيما دعوا اليه من قبلتهم، وأنه لا ينفع مع ذلك عمل سلف، لانه ارتداد. والخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله) والمراد به كل من كان بتلك الصفة. كما قال: (لئن أشركت ليحبطن عملك) (1) وهذا قول الحسن، والزجاج. الثالث - ان معناه الدلالة على فساد مذاهبهم، وتبكيتهم بها. كما تقول: لئن قيل عنك أنه لخاسر تريد به التبكيت على فساد رأيه، والتبعيد من قبوله. وقوله: (وما أنت بتابع قبلتهم) قيل في معناه أربعة اقوال: اولها - أنه لما قال: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبللك وما أنت بتابع قبلتهم) على وجه المقالة كما تقول: ما هم بتاركي انكار الحق وما أنت بتارك الاعتراف به، فيكون الذي جر الكلام التقابل للكلام الاول، وذلك حسن من كلام البلغاء. ــــــــــــــــــــــ (1) سورة الزمر: آية 65.