(20) الثاني - أن يكون المراد أنه ليس يمكنك استصلاحهم باتباع قبلتهم لاختلاف وجهتهم، لان النصارى يتوجهون إلى المشرق، واليهود إلى بيت المقدس، فبين الله تعالى: أن رضا الفريقين محال. الثالث - أن يكون المراد حسم طمع أهل الكتاب من اليهود إذ كانوا طمعوا في ذلك وظنوا انه يرجع إلى الصلاة إلى بيت المقدس، وما جوا في ذكره. الرابع - انه لما كان النسخ مجوزا قبل نزول هذه الآية، فأنزل الله تعالى الآية، ليرتفع ذلك التجوز. وقوله: (وما بعضهم بتابع قبلة بعض) قيل في معناه قولان: أحدهما - قال الحسن، والسدي، وابن زيد، والجبائي: أنه لا يصير النصارى كلهم يهودا، ولا اليهود كلهم يصيرون نصارى أبدا، كما لا يتبع جميعهم الاسلام. وهذا من الاخبار بالغيب. وقال غيرهم: معناه إسقاط الاعتلال بأنه مخالفة لاهل الكتاب الذين ورثوا ذلك عن أنبياء الله بامره إياهم به، فكلما جاز أن يخالف بين وجهتهم للاستصلاح جاز ان يخالف بوجهة ثالثة للاستصلاح في بعض الازمان. وقد بينا حد الظلم فيما تقدم، واعترضنا قول من قال: هو الضرر والقبيح الذي يستحق به الذم من حيث أن ذلك ينقض بفعل الساهي، والنائم، والطفل، والمجنون - اذا كان بصفة الظلم - فانه يكون قبيحا وان لم يستحقوا به الذم. ومن خالف في ذلك كان الكلام عليه في موضع آخر. على ان المخالف في ذلك ناقض، فانه قال: ان الكذب يقع من الصبي ويكون قبيحا. وهذا اذا جاز. هلا جاز ان يقع منه الظلم؟ فان قال: لان العقل للانسان البالغ، يزجر الصبي عن ذلك بالتاديب. قلنا مثل ذلك في الظلم سواء. قوله تعالى: (ألذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن