(18) من بعده يكفرون) ليظلن ومعنى (لئن) غير معنى (لو) في قول الجماعة. وإن قالوا إن الجواب متفق لانهم لا يدفعون أن معنى (لئن) ما يستقبل ومعنى (لو): ما مضى وحقيقة معنى (لو) أنها يمتنع بها الشئ لامتناع غيره. كقولك لو أتيتني لاكرمتك أي لم تأتني فلم اكرمك، فامتنع الاكرام، لامتناع الاتيان. ومعنى (إن) (ولئن) انما يقع بهما الشئ لوقوع غيره تقول: إن تأتني أكرمك، فالا كرام يقع بوقوع الاتيان. وقال بعضهم: إن كل واحدة منهما على موضعها، وانما لحق في الجواب هذا التداخل، لدلالة اللام على معني القسم، فجاء الجواب القسم، فاغني عن جواب الجزاء لدلالته عليه، لان معني لظلوا ليظلن وهذا هو معنى قول سيبويه. ويجوز أن تقول: إن أتيتني لم أجفك، ولا يجوز أن تقول: إن اتيتني ما حفوتك، لان (ما) منفصلة (ولم) كجزء من الفعل. ألا ترى أنه يجوز ان تقول: زيدا لم أضرب، ولا يجوز زيدا ما ضربت. وانما يجاب الجزاء بالفعل أو الفاء، فاذا تقدم لام القسم جاز، فقلت لئن أتيتني ما جفوتك. المعنى: فان قيل: كيف قال (ولئن أتيت الذين أوتو الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك) وقد آمن منهم خلق؟ قلنا عن ذلك جوابان: احدهما - قال الحسن: إن المعنى أن جميعهم لا يؤمن، وهو اختيار الجبائي. والثاني - أن ذلك مخصوص لمن كان معاندا من أهل الكتاب دون جميعهم الذين وصفهم الله، فقال " يعرفونه كما يعرفون ابناءهم " اختاره البلخي والزجاج. وهذه الآية دالة على فساد قول من قال: لا يكون الوعيد بشرط، وعلى فساد قول من قال بالموافاة، وإن من علم الله أنه يؤمن لا يستحق العقاب أصلا، لان الله تعالى علق الوعيد بشرط يوجب أن يكون متى تحصل الشرط تحصل استحقاق العقاب، وفيها دليل على فساد قول من قال: إن الوعيد لا يقع لمن علم أنه لا يعصي، لان الله تعالى علم من حال الرسول أنه لا يتبع اهواءهم ومع هذا يوعده إن اتبع أهواءهم. وفي الآية دلالة على