(6) أخبر الله تعالى أن من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون. قال ابن عباس والسدي: قوم وراء الصين. وقال ابوجعفر (عليه السلام): هم قوم خلف الرمل لم يغيروا ولم يبدلوا. وأنكر الجبائي قول ابن عباس، وقال شرع موسى (عليه السلام)، منسوخ بشرع عيسى (عليه السلام) وشرع محمد (صلى الله عليه وآله) فلو كانوا باقين لكفروا بنبوة محمد. وهذا ليس بشئ، لانه لا يمتنع ان يكون قوم لم تبلغهم الدعوة من النبي (صلى الله عليه وآله) فلا نحكم بكفرهم. وقال الجبائي يحتمل ذلك وجهين: احدهما - انهم كانوا قوما متمسكين بالحق في وقت ضلالتهم (1) بقتل أنبيائهم. والاخر - انهم الذين آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله) مثل ابن سلام وابن صوريا وغيرهما. وتقدير الكلام في معنى الاية إذا: كان من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون، قد مدحوا بذلك وعظموا، فعلى كل أمة أن يكونوا كهذه الامة الكريمة في هذا المعنى. والامة الجماعة التي تؤم أمرا بأن تقصده وتطلبه وأمة محمد (صلى الله عليه وآله) تؤم شريعته وأمة موسى وعيسى مثل ذلك. وليس في الاية ما يدل على ان في كل عصر أمة هادية من قوم موسى لان بعد نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله) لم يبق احد يجب اتباعه في شرع موسى (عليه السلام) وكذلك قوله تعالى " وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون " (2) ولا دلالة في ذلك على ان تلك الامة موجودة في كل عصر، بل لو لم توجد هذه الامة الا في وقت واحد هادية بالحق عادلة به لصح معنى الاية على ان عندنا في كل عصر لا يخلون من قوم بهذا الوصف وهم حجج الله على خلقه، المعصومين الذين لا يجوز عليهم الخطأ والزلل، فقد قلنا بموجب الاية. ـــــــــــــــــــــ (1) أي وقت ضلالة قومهم (2) سورة 7 الاعراف آية. (*)