(8) وقال السدي: نهاهم الله عما هم به عثمان بن مظعون من جب نفسه. وقال عكرمة: هو ماهمت به الجماعة: من تحريم النساء والطعام واللباس والنوم. وقال الحسن: لاتعتدوا إلى ماحرم عليكم وهو أعم فائدة. والاعتداء مجاوزة حد الحكمة إلى مانهى عنه الحكيم، وزجر عنه إما بالعقل أو السمع، وهو تجاوز المرء ماله إلى ماليس له. وقوله " إن الله لايحب المعتدين " معناه يبغضهم ويريد الانتقام منهم وانما ذكره على وجه النفي لدلالة هذا النفي على معنى الاثبات إذ ذكر في صفة المعتدين، وكأنه قيل يكفيهم في الهلاك ألا يحبهم الله. قوله تعالى: وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون (91) آية اجماعا. سبب نزول هذه الاية والتي قبلها على ماقال عكرمة وأبوقلابة وأبو مالك وابراهيم وقتادة والسدي وابن عباس والضحاك: إن جماعة من الصحابة منهم علي (ع) وعثمان بن مظعون وابن مسعود وعبدالله بن عمر، هموا بصيام الدهر وقيام الليل، واعتزال الناس وجب أنفسهم وتحريم الطيبات عليهم. فروي أن عثمان بن مظعون قال أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت: يارسول الله إئذن لي في الترهب فقال: (لاإنما رهبانية أمتي الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة بعدالصلاة) فقلت: يارسول الله أتأذن لي في السياحة قال: (سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله) فقلت: يارسول الله أتأذن لي في الاختصاء فقال: (ليس منا من خصا واختصا إنما اختصاء أمتي الصوم). وقوله " وكلوا " لفظه لفظ الامر والمراد به الاباحة أباح الله تعالي