(9) للمؤمنين أن يأكلوا مما رزقهم حلالا طيبا، فالرزق هوماللحي الانتفا به وليس لغيره منعه منه. وقال الرماني: الرزق هو العطاء الجاري في الحكم ومن ذلك قيل: رزق السلطان الجند اذا جعل لهم عطاء جاريا في حكمه في كل شهرأو في كل سنة. قال الرماني: وكلما خلقه الله في الارض مما يملك، فهو رزق للعباد في الجملة بدلالة قوله " هوالذي خلق لكم مافي الارض جميعا " (1) ولولا ذلك لجوزنا أن يكون منه ماليس للانس إلا أنه وإن كان رزقا لهم في الجملة فتفصيل قسمته على مايصح ويجوز من الاملاك، ولا يجوز أن يكون الرزق حراما، لان الله منع منه بالنهي، فاما البغاة فيرزقون حراما اذا حكموا بأن المال للعبد، وهو مغصوب لايحل، قال وماافترسه السبع رزق له بشرط غلبته عليه كما أن غنيمة المشركين رزق لنا بشرط غلبتنا عليها، لان المشرك يملك مافي يده، فاذا غلبنا عليه بطل ملكه، وصار رزقا لنا في هذه الحال، قال: وقد أمرنا بأن نمنعه من الانسان مع الامكان، وأذن لنا أن نمنعه من غيره من نحو الميتة والوحش إن شئنا ويسقط جميع ذلك في حال التعذر علينا. وعندي أنه لايجب أن يطلق أن مايغلب عليه السبع رزق له بل إنما نقول: إن رزقه ماليس لنا منعه منه فأما مالنا منعه منه إما بأن يكون ملكا لنا أو أذن لنافيه، فلايكون رزقا له بالاطلاق، وقد يسلط الله السبع على بعض المشركين فيكون رزقا له وعقابا للمشرك، والاصل فيه قوله تعالى " وما من دابة في الارض إلا على الله رزقها " (2) فمفهوم هذا أنه رزقه بشرط الغلبة عليه. فان قيل: اذاكان الرزق لايكون إلا حلالا فلم قال: (حلالا)؟ قيل: ذكر ذلك على وجه التأكيد كما قال " وكلم الله موسى تكليما " (3) ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 2 البقرة آية 29 (2) سورة 11 هود آية 6 (3) سورة 4 النساء آية 163