[377] فمن الذي خلقَ المحبّةَ والمودةَ بين المرأة والرجل، والأب والام وابنهما، والعشيرة والاقارب، وكلِّ الناس بشكل عام؟من الذي وَضَعَ التوازن بين جنس المرأة والرجل في المجتمع البشري؟ بشكل يتم الحفاظ على هذا التوازن رغم الحوادث المعقدة التي تطرأ في المجتمعات كالموت والولادات!من الذي خلقَ الاذواق المختلفة في العقول، والرغبات المتباينة في القلوب؟ واخذ بيد كلِّ صنف نحو عمل وبرنامج، كي يتكون من مجموعهم مجتمعٌ انسانيٌّ ككتلة واحدة متكاملة من جميع الجوانب. ولعلِّهُ لهذا السبب اشار في الآية الآتية إلى اختلاف الالسُنِ وتباينِ الالوان ويعتبر ذلك من آيات الله. فيقول: (ومِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّمـواتِ والأَرْضِ واخْتِلافُ الْسِنَتِكُمْ وَالْوانِكُمْ إنَّ في ذلِكَ لآياتِ لِلْعالَمِيْن)(1). ومما لا شك فيه انَّ أحد التفاسير لاختلاف الالسن والالوان، هو هذا التباين الموجود في النطق والاذواق والجذب الفكري للاشخاص، مما يؤدي إلى أنْ يتحلّى المجتمع البشري بالانسجام التام، بنحو لا يحصل معه فراغٌ في أي من الحاجات المعنوية والمادية للبشر. (مَوَدَّة) من مادة "وُدّ" (على وزن حُبّ) وتعني المحبّة كما تطلق على "الأمل في تحقيق الشيء" (وكلا المعنيين قريبان لبعضهما) ولفظ "وَدّ" (على وزن حَدّ) اسمٌ لأحد اصنام الجاهلية، وسمي بذلك الاسم لمحبتهم الشديدة له، أو لأنّهم كانوا يظنّون بوجودِ مودة بين الله وهذا الصنم، كما يُطلقُ هذا اللفظ على "المسمار"، حتى قالَ بعض إنَّ لفظ "وَتَدْ" الذي يعني في لغة العرب "المسمار" مأخوذٌ من اصل "وُدّ" لأنَّ المسامير تلتصق بالجدار أو الاشياء الأُخرى، ومن هنا فهي تتشابه مع مفهوم المحبّة. (2) ــــــــــــــــــــــــــــ. (1) (الروم الآية: 22). (2) "مفردات الراغب" مادة "ود".