[376] المتمخضة عن الزهد في الزواج، شاهدٌ ناطقٌ على هذا المعنى. ثم يضيف: (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة). هذه المودةُ والرحمة التي تُعتَبرُ في الحقيقة الركن الاساس وحلقة الوصل والارتباط ما بين الناس، فتربط الاشخاص المتفرقين والبعيدين فيما بينهم، وتخلق من ذلك مجتمعاً قوياً، تقوم المواد الاساسية في البناء بشدِّ قطع الطابوق والحجر ويُشيَّدُ منها بناءٌ ضخمٌ وعظيم. واللطيف كذلك انه استند مرّه ثانية في نهاية الآية إلى هذه النكتة التوحيدية: قائلا: (إنَّ في ذلِكَ لآيات لِقَوْم يَتَفكّرُوْن). ولو تأمَّلنا في تشكيل الحياة الزوجية وهي أول وحدة اجتماعية، في الرابطة القوية التي تتكون بين هذين الجنسين المختلفين، ومن ثم لو تأملنا في الوحدات الاجتماعية الاكبر: العائلة، الاقارب، الطائفة والعشيرة، ثم في المدن والاقطار وفي كل المجتمع البشري، فاننا سنواجه في كلِّ خطوة نخطوها آيةً من آياتِ الله العظيمة.